ليس بشرطٍ في استحقاقهمُ الويل، وإنما هو زيادة ذمٍّ، ومع الاحتمال يحرُمُ القطع، خصوصاً عند الوعيدية، فإنها عندهم قطعيةٌ، كيف ومع كثيرٍ من أهلِ السنة أدلةٌ تقوِّي هذا الاحتمال ذكروها في مواضعها، ويأتي كثيرٌ منها، ويقوِّي ذلك كونه لم يذكر تحقيق (١) ترك الكبائر، فدلَّ على أنه أراد الثناء، لا شروط الاستحقاق على دعوى الخصم، ولكن لا بُدَّ من الخوف، لقوله:{ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}[النساء: ٤٨ و١١٦]، كما تقدم في الجمع بين المُتعارضات، ولجهل الخواتم على كل تقديرٍ.
ويوضِّحُ ذلك ما جاء من الثناء على من آمن الإيمان اللغوي الذي هو التصديق بالاتفاق، وذلك حيث يكون مُعَدَّىً بحرف الجرِّ، وهو الباء المُوحَّدَة، وذلك لا يكاد يُحصى في كتاب الله، كقوله تعالى في الجنة:{أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الحديد: ٢١]، وقوله:{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[البروج: ٨]، وقال الخليل عليه السلام:{وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر}[البقرة: ١٢٦]، وقوله:{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء: ١٥٢]، وقال:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٥٦]، وقال تعالى:{وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[الممتحنة: ٤]، وقال:{إنهم فتيةٌ آمنوا بربِّهم}[الكهف: ١٣]، وقال صاحب يس: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (٢٥) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: ٢٥ - ٢٧]، وقال:{إنْ تُسْمِعُ إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون}[النمل: ٨١]، وقال:{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا}[آل عمران: ١٩٣]، وقال: {فمن يُؤمِنُ