للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن نافعاً مولى ابن عمر حدَّث عن ابن عمر في مسألة الإتيان في المحلِّ المكروه: كذب العبد على أبي، قال ابن جريرٍ: ولم يَرَوْا ذلك من قول سالمٍ في نافعٍ جرحاً، فينبغي أن لا يَرَوْا ذلك من ابن عمر في عكرمة جرحاً، وقال ابن حبان: أهل الحجاز يُطلقون " كذب " في موضع " أخطأ "، ذكر هذا في ترجمة بُرد من كتاب " الثقات " ويؤيد ذلك إطلاق عبادة بن الصامت قوله: كذب أبو محمد، لما أُخْبِرَ أنه يقول: الوِتْرُ واجب، فإن أبا محمد لم يقُلْه روايةً، وإنما قاله اجتهاداً، والمجتهد لا يقال: إنه كذب، إنما يقال: إنه أخطأ. وذكر ابن عبد البر لذلك أمثلةً كثيرةً.

وأما قول سعيدٍ بن المسيِّب، فقال ابن جريرٍ: ليس ببعيدٍ أن يكون الذي حُكِيَ عنه نظير الذي حُكِيَ عن ابن عمر. قال ابن حجر (١) وهو كما قال، فقد تبيَّنَ من حكاية عطاء الخراساني عنه في تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - بميمونة ولقد ظُلِمَ عكرمة في ذلك، فإن هذا مرويٌّ عن ابن عباس من طرقٍ كثيرة أنه كان يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو محرمٌ.

ونظير ذلك ما تقدم عن عطاءٍ وسعيد بن جبيرٍ.

ويقوي صحة ما حكاه ابن حبان أنهم يطلقون الكذب في موضع الخطأ ما سيأتي عن هؤلاء من الثناء عليه والتعظيم له، فإنه دالٌّ على أن طعنهم عليه إنما هو في هذه المواضع المخصوصة.

وكذا قول ابن سيرين: الظاهر أنه طعن عليه من حيث الرَّأي، وإلا فقد قال خالدٌ الحذَّاء: كل ما قال ابن سيرين نُبِّئْتُ عن ابن عباسٍ، فإنما أخذه عن عكرمة، وكان لا يسميه، لأنه لم يكن يرضاه.

وأما رواية يزيد بن أبي زياد عن علي بن عبد الله بن عباس في تكذيبه، فقد ردها أبو حاتم ابن حبان بضعفِ يزيد، وقال: إن يزيد لا يُحتَجُّ بنقله، وهو كما قال.


(١) تحرف في (ف) إلى: " ابن عمر ".

<<  <  ج: ص:  >  >>