وأما ما رُوِيَ عن يحيى بن سعيد الأنصاري في ذلك، فالظاهر أنه قلَّدَ سعيد بن المسيب.
وأما قصة القاسم بن محمد، فقد بيَّن سببها، وليس بقادحٍ، لأنه لا مانع من أن يكون عند التَّبحُّر في العلم في المسألة القولان، والثلاثة، فيخبر بما يستحضر منها، ويؤيد ذلك ما رواه ابن هبيرة، قال: قدم علينا عكرمة مصر، فجعل يحدثنا بالحديث عن الرجل من الصحابة، ثم يحدثنا بذلك الحديث عن غيره، فأتينا إسماعيل بن عبيد الأنصاري، وقد كان سَمِعَ من ابن عباس، فأخبره بها على مثل ما سمع، ثم قال: ثم أتيناه، فسألناه، فقال: الرجل صدوقٌ، ولكنه سمع من العلم، فأكثر، فكلما سنح له طريقٌ سلكه.
وقال أبو الأسود: كان عكرمة قليل العقل، وكان قد سمع الحديث من رجلين، فكان إذا سُئِلَ حدث به عن رجلٍ، ثم يسأل عنه بعد حينٍ فيُحدِّثُ به عن الآخر، فيقولون: ما أكذبه! وهو صادقٌ.
وقال سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، قال أيوب: قال عكرمة: هؤلاء الذين يكذبوني [من خلفي]، أفلا يكذبوني في وجهي؟ يعني: أنهم إذا واجهوه بذلك، أمكنه الجواب عنه، والمخرج منه.
وقال سليمان بن حرب: ووجه هذا أنهم إذا قرَّرُوه بالكذب، لم يجدوا عليه حجةً.
إلى قوله: وأما ذمُّ مالكٍ له، فقد تبيَّنَ سببه، وإنه لأجل ما رُمِيَ به من أجل بدعة الخوارج، وقد جزم بذلك أبو حاتمٍ، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عكرمة، فقال: ثقةٌ، فقلت: يُحتجُّ بحديثه؟ قال: نعم، إذا روى عنه الثقات، والذي أنكر عليه مالك، إنما هو بسبب رأيه، على أنه لم يثبُت عنه من وجهٍ قاطعٍ، وإنما كان يُوافق في بعض المسائل، فنسبوه إليهم، وقد كان برَّأه أحمد والعجلي من ذلك، فقال في كتاب " الثقات " له: عكرمة مكيٌّ تابعيٌّ ثقةٌ، بريءٌ