للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حجر في " مقدمة شرح البخاري " (١): مجمَعٌ على ثقته، لكن كان شعبة يقول: حدثنا سعيدٌ المقبُري بعد أن كَبِرَ، وزعم الواقدي أنه اختُلِطَ قبل موته بأربع سنين، وتبعه ابن سعدٍ ويعقوب بن شيبة وابن حبان، وأنكر ذلك غيرهم وقال الساجي: [عن يحيى بن معين: أثبت الناس فيه ابن أبي ذئب. وقال ابن خراش: أثبت الناس الليث بن سعد] (٢).

قال ابن حجر: أكثر ما روى له البخاري من حديث هذين عنه، وأخرج له أيضاً من حديث مالكٍ وإسماعيل بن أُمَيَّة، وعبيد الله بن عمر العمري وغيرهم من الكبار، وروى له الباقون، لكن لم يُخرجوا من حديث شعبة عنه شيئاً.

قلت: لكونه صرَّح بأنه أخذ عنه بعدما كبر، والذي ظنه (٣) الذهبي صحيحٌ بعد تبيُّنِ الاختلاط، ولكن يجيءُ قليلاً قليلاً، فربما أخذ عنه في أوائله قبل تحقُّقه.

والمعتزلة تقدم الجرح مطلقاً، وتُغَلَّبُ جانب الحظر في مثل هذا، وليس لهم بحث عمن (٤) أخذ عنه قبل أوائل الاختلاط، ومن أخذ عنه بعد ذلك، ولا عن الشواهد والتوابع، ولذلك لو قيل للمتكلمين منهم: هل تُفَرِّقُ بين رواية شعبة عن المقبُرِيِّ، ورواية من أخذ عنه قديماً، لم يفرقوا بين ذلك، فليس لهم أن يحتجوا بحديثه، ولا أن يقلدوا أهل الحديث في مسألةٍ قطعيةٍ، مع انتقاصهم لهم، وقدح كثيرٍ منهم فيهم.

وثالثها: أن أبا هريرة متكلَّمٌ عليه مجروحٌ عندهم مُكَذَّبٌ، كما ذكره ابن أبي الحديد وطول فيه، وأفحش في شرح قول علي عليه السلام لأصحابه: أما إنه سيظهر عليكم رجل رَحْبُ البلعوم إلى آخر ما ذكره (٥).


(١) ص ٤٠٥.
(٢) ما بين حاصرتين بياض في الأصول، واستدرك من " مقدمة الفتح ".
(٣) في (ف): " ذكره ".
(٤) في (ف): " فيمن ".
(٥) تقدم ص ١٠٦ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>