للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيء إلى الكافر بالقتل أن يُحسِنَ في إساءته إليه، وهذا أولى، لأن العبد إنما ظلم نفسه، فلا يمتنعُ أن يُحسن (١) في إساءته إلى نفسه، على (٢) أن الأظهرَ أو المحتمل أن المراد: أنه يُحسن في إيمانه بالله ورسله، وما جاؤوا به، لأن الاحسان ضدُّ النِّفاقِ، لا في جميع أعماله، فلا يلزم تكلُّفُ بيان إحسانه في ذُنوبه، والله سبحانه أعلم.

نوع منه يتضمَّن ذكر الإيمان وحده، وفيه أحاديث:

الحديث الأول: عن معاوية بن الحكم، قال: أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: إن جاريةً لي كانت ترعى لي غنماً، فجئتُها، وقد فقدت شاةً من الغنم، فسألتُها عنها، فقالت: أكلَها الذئبُ، فأسِفْتُ عليها، وكنتُ من بني آدم، فلطمتُ وجهَهَا (٣)، وعليَّ رقبةٌ، أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أين الله "؟ فقالت: في السماء، فقال: " من أنا "؟ فقالت: أنت رسول الله، فقال: " أعتقها، فإنها مؤمنةٌ ". رواه مسلم واللفظ له، ورواه أبو داود والنسائي، ومالك في " الموطأ " وألفاظهم مختلفة، والمعنى متقاربٌ، وكلهم رووه عن معاوية بن الحكم إلاَّ مالكاً، فقال: عمر بن الحكم في قول أكثر الرواة عنه، وقيل عنه، وهو معدودٌ في أوهام مالكٍ (٤).

الحديث الثاني: ما رواه أحمد في " المسند " عن عبد الرَّزاق، عن معمر، عن الزُّهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود: أن رجلاً من الأنصار جاء بأَمَةٍ سوداءَ، فقال: يا رسول الله، عليَّ عِتْقُ رقبةٍ مؤمنةٍ، فإن كنتَ ترى هذه مؤمنةً اعتقتُها، فقال لها: " أتشهدين أن لا إله إلاَّ الله "؟ قالت: نعم يا رسول الله.


(١) في (ش): " يمتنع ".
(٢) في (ف): " مع ".
(٣) قوله: " فلطمت وجهها " ساقط من (ف).
(٤) أخرجه مالك ٢/ ٧٧٦ - ٧٧٧، وأحمد ٥/ ٤٤٧ و٤٤٨، ومسلم (٥٣٧)، وأبو داود (٩٣٠) و (٣٢٨٢)، والنسائي ٣/ ١٤، وابن حبان (١٦٥)، وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه. وانظر أيضاً " التمهيد " ٢٢/ ٧٦، وتلخيص الحبير " ٣/ ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>