للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: " أتشهدين أني رسولُ الله "؟ قالت: نعم. قال: " أتؤمنين بالبعث بعد الموت " قالت: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فأعتقها ". ورواه مالك في " الموطأ " (١).

وهذه الرِّواية تدل على استحباب امتحان الكافر عند إسلامه بالإقرار بالبعث، كما هو قول الشافعي (٢)، وفيه تنبيهٌ على تفسير الامتحان للنساء في قوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: ١٠]، وفي " البخاري " (٣)، عن عائشة أن امتحان النبي - صلى الله عليه وسلم - لهن كان بالبيعة على ما أمره أن يبايعَهُنَّ عليه في قوله: {فَبَايِعْهُنَّ} الآية، فمن بايعت، فقد امتُحِنَتْ.

وقد امتحنَ الله الخلق في النشأة الأولى بالإقرار بالتوحيد، والإخلاص فيه لا سوى، كما صح ذلك عند أهل السنة، وقد أوضحته في مسألة الأطفال.

وفي " النبلاء " (٤) في ترجمة أم كلثوم بنت عقبة أنها لما نزلت: {فامْتَحِنوهُنَّ} كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "آلله ما أخرَجَكُنَّ إلاَّ حبُّ الله ورسوله


(١) ٢/ ٧٧٧، وأخرجه عبد الرزاق (١٦٨١٤)، وعنه أحمد ٣/ ٤٥١ - ٤٥٢، وأخرجه البيهقي ١٠/ ٥٧ من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، وقال: مرسل.
وقال أبو عمر بن عبد البر في " التمهيد " ٩/ ١١٤: هذا الحديث، وإن كان ظاهره الانقطاع في رواية مالك، فإنه محمول على الاتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة، ورده الزرقاني في " شرح الموطأ " ٤/ ٨٥ بقوله: فيه نظر، إذ لو كان كذلك ما وجد مرسل قط!
إذ المرسل: ما رفعه التابعي -وهو من لقي الصحابي-، ومثل هذا لا يخفى على أبي عمر، فلعله أراد لقاء عبيد الله جماعة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث.
وأورده الحافظ ابن كثير في " تفسيره " ١/ ٥٤٧، وقال: هذا إسناد صحيح، وجهالة الصحابي لا تضره.
(٢) هذا قول الحافظ في " تلخيص الحبير " ٣/ ٢٢٣، وسينبه المصنف على ذلك بعد إيراد الأحاديث.
(٣) (٢٧١٣) و (٢٧٣٣) و (٤١٨٢) و (٤٨٩١) و (٥٢٨٨) و (٧٢١٤).
(٤) ٢/ ٢٧٦ - ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>