للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الحاكم في " علوم الحديث " (١) له في أول نوعٍ منها نحو ذلك من حديث أبي أيوب الأنصاري وعقبة بن عامرٍ، كلاهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي سعدٍ المكِّيِّ الأعمى. ذكره الذهبي في " الميزان " (٢)، فلم يقدح فيه ألا يتفرَّدِ ابن جُريجٍ بالرِّواية عنه، فيقوي حديث الستر على المسلم في الدنيا ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً.

وأما قوله في حديث ابن عمر في النَّجوى (٣): " وأنا أغفرُها لك اليوم "، ففيه بحثٌ، وهو أنه يمكن أن يخرُجَ منه المجاهرون الذين ستر الله عليهم، ففضحوا نفوسهم في الدنيا، وجاهروا بالفجور.

وروى البخاري من حديث محمد بن عبد الله بن مسلمٍ المعروف بابن أخي الزهري، عن عمِّه الزُّهري، عن سالم، عن أبي هريرة، عنه - صلى الله عليه وسلم - " كل أمتي مُعافى إلاَّ المجاهرين، وإنَّ من الجِهَارِ أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يُصبحُ، وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلانُ، عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستُرُهُ ربُّه، فيصبح يكشفُ نفسه ". ورواه مسلم من طريق ابن أخي الزهري (٤)، والذي يدل على تخصيصهم منه قوله: " سترتُها عليك في الدنيا "، وهذا فيمن لم يُعاقب في الدنيا من المجاهرين، وأما من عُوقِبَ بالحدِّ وغيره من المصائب؛ فقد صح في حديث عليٍّ عليه السلام، وحديث عبادة أنها لا تُعادُ عليه العقوبة، على أن في ابن أخي الزهري خلافاً، وعلى أن حديث علي عليه السلام أرجى من حديث عُبادة، فإن في حديث عبادة: " ومن لم يُعاقب في الدنيا، فأمره إلى الله، إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفر له ". متفق عليه (٥).


(١) ص ٧ - ٨. وانظر ابن حبان (٥١٧).
(٢) ٤/ ٥٢٩.
(٣) تقدم قريباً.
(٤) البخاري (٦٠٦٩)، ومسلم (٢٩٩٠).
(٥) أخرجه البخاري (١٨)، ومسلم (١٧٠٩)، والترمذي (١٤٣٩)، والنسائي ٧/ ١٤٢ و١٤٨ و١٦١ - ١٦٢، وابن ماجه (٢٦٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>