للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشيطان لعنه الله قد اشتركا في الخروج من الجنة بسبب الذنب، وإن كان بين الخارجَيْنِ ما بين السماء والأرض، مع الاشتراك في اسم الخروج؟

أما آدم، فقال الله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: ١٢١ - ١٢٢]، ثم أخرجه خليفةً في الأرض مرضيّاً ورسولاً له سبحانه ونبيّاً، وجعل على إبليس لعنتُه إلى يوم الدين، وأقسم ليملأنَّ جهنم منه، وممَّن تَبِعَهُ أجمعين، فإياك أن تغترَّ بمجرد الاشتراك في بعض الأسماء، ألا ترى أن صاحب الصغيرة مشارِكٌ للكفار في اسم العاصي والغاوي ونحوهما؟ وإن كان متميِّزاً بغير ذلك. فكذلك عُصاة المسلمين متميِّزين عن المشركين بخُروجهم من النار، كما جاء في تفسير قولي تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين} [الحجر: ٢]، وذلك أنهم حين يرونهم معهم في النار يَشْمَتُون بهم، ويقولون: " ما نفعكم إسلامكم، فيخرجهم الله، فيودُّ الذين كفروا أنهم كانوا مسلمين " (١).

وقد سمَّى يوسفُ أخاه سارقاً لِغرض له، ولم يكن مُخزِياً له بذلك في الحقيقة والعاقبة، وإن كان ذلك خِزْياً لمن سُمِّيَ به حقيقة، ولم ينكشف خلافُ ذلك في العاقبة، وهذا الكلام كله في حقوق الله وتعالى بعد صحة التوحيد والسلامة من أنواع الكفر.

وأما حقوق المخلوقين، فقد روى البخاري في " المظالم "، وفي " الرقاق " (٢)


(١) أخرجه الطبراني في " الأوسط "، وابن مردويه من حديث جابر مرفوعاً: " إن ناساً من أمتي يعذَّبون بذنوبهم، فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا، ثم يعيّرهم أهل الشرك، فيقولون: ما نرى ما كنتم فيه من تصديقكم نفعَكُم! فلا يبقى موحِّدٌ إلاَّ أخرجه الله تعالى من النار "، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}.
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " ٥/ ٦٢، وصحح إسناده، وقال الهيثمي في " المجمع " ١٠/ ٣٧٩: رواه الطبراني في " الأوسط "، ورجاله رجال الصحيح غير بسام الصيرفي، وهو ثقة.
(٢) البخاري (٢٤٤٠) و (٦٥٣٥). وأخرجه أيضاً أحمد ٣/ ١٣ و٦٣ و٧٤، وأبو يعلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>