للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ثلات طُرُقٍ، عن قتادة، عن أبي المتوكِّل النَّاجي، واسمه علي بن دؤاد، عن أبي سعيد الخُدري، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: " إذا خَلَصَ المؤمنون من النار، حُبِسُوا بقنطرةٍ بين الجنة والنار، فيَتَقاصُّون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبُوا، أُذِنَ لهم بدخول الجنة ".

وصرح قتادة بالسماع في رواية شيبان كما تقدم لشيبان مثل ذلك في حديث النجوى، وهذا يدل على تقدُّم شيبان بالإتقان لحديث قتادة كما قال يحيى بن معين: هو أحبُّ إلي في قتادة من معمر. وقال أحمد بن حنبل: هو ثبتٌ في كلِّ المشايخ، وقد جوّد ابن حجرٍ الثناء عليه في " مقدمة شرح البخاري " (١)، وأنه مُجْمَعٌ عليه، إلاَّ خلافاً مدفوعاً في حديثه عن الأعمش، وأما كون البخاري روى ذلك تعليقاً (٢) عن يونس بن أحمد، عن شيبان، فهو بصيغة (٣) الجزم، وقد أسنده ابن منده في كتاب " الإيمان " (٤)، ذكره ابن حجر (٥).

وفي هذا الحديث أعظم بُشرى، حيث لم يُخْزَوْا ويدخلوا النار بحقوق المخلوقين. وأما خُلوصهم من النار قبل ذلك، فيحتمل أنه المرور على الصراط كالورود، بل هو الظاهر، وأنه الخُلوص من خوفها، ولو كان منها لم يضرَّ، لكن يكون معناه بعض المؤمنين، لكن لا مُلجِىءَ إليه، لأن الخلاصَ من النار يُحتمل في اللُّغة أنه النَّجاة، كقول هِرقل: لو أعلم أني أخلُصُ إليه (٦)، وأنه التَّميُّز، كقوله تعالى: {خَلَصُوا} [يوسف: ٨٠]، أي: تميزوا من الناس متناجين، ومنه يوم الخلاص يوم يخرُجُ إلى الدَّجَّال من المدينة كلُّ منافقٍ ومنافقة، فيتميز المؤمنون منهم (٧).


= (١١٨٦)، وابن حبان (٧٤٣٤)، والحاكم ٢/ ٣٥٤.
(١) ص ٤١٠.
(٢) برقم (٢٤٤٠) في المظالم.
(٣) في (ف): " على صيغة ".
(٤) برقم (٨٣٩).
(٥) في " الفتح " ٥/ ٩٦.
(٦) قطعة من حديث مطول رواه ابن عباس عن أبي سفيان، وقد تقدم غير مرة.
(٧) أخرج ابن ماجه (٤٠٧٧) في حديث مطوَّل عن أبي أمامة مرفوعاً: "إنه لا يبقى شيءٌ =

<<  <  ج: ص:  >  >>