للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في معنى العفو، وهذا يبطلُ القطع على الوعيديِّ وإذا بطَلَ القطعُ، لم يبقَ مانعٌ من قبول أخبار الثِّقات الظنية الآحادية، كيف وقد ترقَّت إلى مرتبة التواتر عند أهل التَّوسُّع في هذا الشأن؟

يوضح ذلك ما رواه الحاكم في " المستدرك " في تفسير هذه الآية بعينها عن ابن عبَّاسٍ أنه قال: ليس أحدٌ من الموحِّدين إلاَّ يُعطى نوراً يوم القيامة، فأمَّا المنافق، فيُطْفَأُ نورُه، والمؤمن مشفقٌ مما رأى من إطفاءِ نور المنافق، فهو [يقول: ربنا] أتمِمْ لنا نورنا. قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ الإسناد. ذكره في تفسير " سورة التحريم " (١).

وروى الحاكم أيضاً في تفسير " سورة النور " من حديث صفوان بن عمرو، قال: حدثني سُلَيْمُ بن عامرٍ، قال: خرجنا على جنازةٍ في باب دمشق، معنا أبو أُمامة الباهليُّ، فلما صلَّى على الجنازة، وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: يا أيها الناس، قد أصبحتم وأمسيتم في منزلٍ تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ويُوشِكُ أن تظعَنُوا منه إلى المنزل الآخر، وهو هذا -يُشير إلى القبر- بيت الوحدة، وبيتِ الظُّلَمَة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلاَّ ما وسَّع الله، ثم تنتقلون إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم لفي بعض تلك المواطن، حتى يغشى الناسَ أمرٌ من أمر الله، فتبيضُّ وجوهٌ، وتسودُّ وجوهٌ، ثم تنتقلون منه إلى موطن آخر، فتغشى الناسَ ظلمةٌ شديدةٌ، ثم يُقْسَمُ النور، فيُعطى المؤمن نوراً، ويُترَكُ الكافر والمنافق لا يُعطيان شيئاً، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ... } الآية. إلى قوله: {فما له من نورٍ} [النور: ٤٠]، ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى بِبَصَرِ البصير، يقول المنافق (٢) للذين آمنوا: {انْظُرُونا نَقْتَبِسْ من نوركم قِيلَ


(١) ٢/ ٤٩٥ - ٤٩٦. من طريق عتبة بن يقظان عن عكرمة، عن ابن عباس، وصححه، ورده الذهبي بقوله: عتبة واهٍ.
(٢) في (د) و (ف): " المنافقون ".

<<  <  ج: ص:  >  >>