للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: ٥٦].

وروى السيد أبو طالب في " أماليه "، والحاكم في " المستدرك "، وأبو داود، والترمذي من حديث أنسٍ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في هذه الآية: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ}، " قال الله تعالى: أنا أهلٌ أن أُتَّقَى، فمنِ اتَّقاني، فلم يَجْعَلْ معيَ إلهاً، فأنا أهلٌ أن أغفرَ له " (١).

ومما يدلُّ على ذلك أن الله تعالى قد أضاف التقوى إلى القلوب، لاختصاصها بالقلوب، فقال: {فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: ٣٢]، وقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الحجرات: ٣]، والقلوبُ ليس فيها شيءٌ من أعمال الجوارح الظاهرة، وإنما فيها تقوى الشِّرك، وتقوى الرياء بتصحيح النية، وإخلاص التوحيد، والعمل لله تعالى.

ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يحقرنَّ أحدُكم أخاه، ها هنا التقوى، ها هنا

التقوى ". ثلاثاً، ويشير إلى صدره. رواه مسلم (٢) من حديث أبي هريرة، وإنما كرَّر ذلك للتأكيد، وإنما أكَّده، لعدم اعتبار الأكثرين بذلك، وقد عقَّب ذلك على قوله: " لا يحقرنَّ أحدكم أخاه " لما تقرَّر أن الكرم: التقوى، فخافَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرى المؤمنُ المجتهدُ من هو دُونه في عملِ الظاهر، فيزدريه، ويظنّ أن ما كان في الباطن لزم ظهورهُ، فأوضحَ بهذا عظيمَ التفاوت في الباطن الذي


(١) أخرجه الترمذي (٣٣٢٨)، وقال: حسن غريب!، وصححه الحاكم ٢/ ٥٠٨، ووافقه الذهبي!. ولم يخرجه أبو داود كما ذكر المصنف رحمه الله. وأخرجه أحمد ٣/ ١٤٢ و٢٤٣، وابن ماجه (٤٢٩٩)، والنسائي في التفسير من " السنن الكبرى "، وأبو يعلى (٣٣١٧)، والبغوي في " معالم التنزيل " ٤/ ٤٢٠، والعقيلي في " الضعفاء " ٢/ ١٥٤، وابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " ٤/ ٤٧٦ - ٤٧٧، كلهم من طريق سهيل القُطعي، عن ثابت، عن أنس. وسهيل ضعيف الحديث.
(٢) برقم (٢٥٦٤)، والحديث بتمامه: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا -عباد الله- إخواناً. المسلم أخو المسلم، =

<<  <  ج: ص:  >  >>