للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي " الترمذي " (١) عن الخدري مثله سواء، لكن قال: عندما يأوي إلى فراشه، عِوَضاً عن الجمعة. وقال: حسن غريب.

وأما قوله في سيِّدِ الاستغفار: " وأنا على عهِدك ووعدِك ما استطعتُ "، فقال ابن الأثير في " النهاية " (٢): أي أنا مقيمٌ على ما عاهدتُك عليه من الإيمان بك، والإقرار بوحدانيتك [لا أزول عنه]، واستثنى بقوله: " ما استطعتُ " موضع القدَر السابق في أمره: أي: إن كان قد جرى [القضاء] أن أنقُضَ العهدَ يوماً [ما]، فإني أخلُدُ عند ذلك إلى التَّنَصُّل والاعتذار، لعدم الاستطاعة على دفع ما قضيتَه علي.

وقيل: معناه: إني متمسِّكٌ بما عهدتَه إليَّ من أمرِكَ ونهيك، ومُبْلي العُذْر في الوفاء به قَدْرَ الوُسْعِ والطاقة، وإن كنت لا أقْدِرُ على أن أبلُغَ كُنْهَ الواجب فيه. انتهى.

وفيما ذكره في التفسيرين معاً نظر:

أما الأول: فَذِكْرُه الاعتذار بعدم الاستطاعة، والاستطاعة هي حجة الله على عباده عند أهل السنة والمعتزلة الجميع، كما قرَّرتُه في هذا الكتاب، وإنما أراد بالاستثناء رد الأمير في الاستقامة إلى مشيئة الله تعالى ولُطْفه، وإعانته، كقول شعيبٍ: {وما توفيقي إلاَّ بالله} [هود: ٨٨]، وقول يوسف (٣): {إنَّ


(١) برقم (٣٣٩٧)، وفيه عطية العوفي وعبد الله بن الوليد الوصافي، وهما ضعيفان.
(٢) ٣/ ٢٤٣، وما بين حاصرتين منه.
(٣) وجعل ابن كثير في " تفسيره " ٤/ ٣٢٠ قوله: {وما أبرىء نفسي ... } من قول امرأة العزيز، فقال: تقول المرأة: ولست أبرىء نفسي، فإن النفس تتحدث وتتمنى، ولهذا راودته، لأنها أمارة بالسوء: {إلاَّ ما رحم ربي} أي: إلاَّ من عصمه الله تعالى: {إن ربي غفور رحيم}، وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام، وقد حكاه الماوردي في تفسيره، وانتدب لنصره الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، فأفرده =

<<  <  ج: ص:  >  >>