للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من وحَّدك ودعاك ورجاك، ولم يَدْعُ ولم يرجُ سواك. كما رواه أنس بن مالك أنه سَمِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك، ولا أُبالي، يا ابن آدم، لو بَلَغَتْ ذنوبك عِنَانَ السماء، استغفرتني، غفرتُ لك، ولا أُبالي، يا ابن آدم، لو أتيتني بقُرابَِ الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تُشْرِكُ بي شيئاً، لأتيتُك بقُرابها مغفرة ".

رواه أبو عوانة في " مسنده الصحيح "، والترمذي في " جامعه "، وقال: حسن غريب من هذا الوجه (١)، وختم به النووي كتابه " الأربعين " الذي سماه " مباني الإسلام ".

ولم أجده فيما جمع ابن الجوزي من " مسند أحمد "، ولكن لأحمد (٢) معناه من حديث أخشن السَّدُوسي، قال: دخلتُ على أنسٍ، فقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " والذي نفسي بيده، لو أخطأتُم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتُمُ الله، لغفر لكم. والذي نفسي بيده، لو لم تُخطئوا، لجاء الله عز وجل بقومٍ يُخطئون، ثم يستغفرون، فيغفر لهم " وهذا الحديث الخامس والثمانون بعد الثلاث مئة من " مسند أنس " في " جامع ابن الجوزي ".

وفي الحديث الثاني والأربعين بعد الثلاث مئة نحوه من حديث شعبة، عن قتادة، عن أنسٍ أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني " (٣).

والعجب ممن يستنكر هذه الأحاديث، ومعناها في كتاب الله عز وجل، وهل فيها زيادة على قوله تعالى: {وقال ربُّكُمُ ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:


(١) تقدم غير مرة.
(٢) ٣/ ٢٣٨. وأخشن السدوسي لم يوثقه غير ابن حبان، وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم، وقد تقدم تخريجه في الجزء الرابع.
(٣) هو في " المسند " ٣/ ٢١٠ و٢٧٧، وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>