للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متى عصفت ريحُ الغنى (١) قصفت أخا ... غَنَاء ولو بالفقر هبَّت لربَّتِ

قال الشارح: الغِنى الأول المقصور: عدم الاحتياج، والثاني الممدود: اليسارُ والثروة.

قلت: وهو في معنى قولهم:

وإن الغنى إلاَّ عن الشيء لا به (٢)

وبالأول يفسِّرون غِنى الرب عز وجل، وعندي: أن الأولى تفسير غنى الرَّبِّ عز وجل بالاعتبارين معاً، والغنى الثالث هو الملك.

ومعنى البيت: أن عز الربوبية وغناه يقصِفُ عزَّ الملوك وغناهم، وإلى ذلك الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ (٣) منك الجدُّ، وأنه مولى أهل الفقر والذِّلَّة لسَعَةِ الرحمة.

وأغنى يمينٍ، باليسار جزاؤُها ... مُدى القطع ما للوصل في الحب مُدّتِ

وأخْلِصْ له وأخلُصْ بِهِ عن رُعونةِ افـ ... ـتقارك من أعمالِ برٍّ تزكَّتِ

قال الشارح -وهو الفرغاني-: يعني: إذا جئتَ مفلساً لم تنظر إلى إفلاسك، وتركن إلى وسيلةٍ وسببٍ، بل انظُرْ إلى من وهبَ لك الإفلاس، وسبَّبه لك وسيلة إليه، فأخلص بالنظر إلى المسبِّب من رُعونَةِ النظر إلى السَّبب. ولي في هذا رقائق كثيرةٌ أودعتها " الدِّيوان الرَّبانيِّ ".


(١) في " الديوان ": " الولا ".
(٢) في هامش (ف): صدره:
غنِيتُ بلا شيءٍ عن الشيءِ كلِّه
(٣) تقدم تخريجه في الجزء السادس.

<<  <  ج: ص:  >  >>