للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كانوا أقربَ إلى عرف أهل البادية.

وكذلك فقد ورد عنه -عليه السلام- أنه أخذ قِطْعَةً من لحم، وجعل يلُوكُها في فيه وهو يمشي في الناس، ذكر معناه أبو داود (١).

وقد أردت -عليه السلامُ- أمرأةً خلفه في بعض الغزوات وهي أجنبية على بعيره (٢) وربَّما كان هذا مما يتجنَّبُه أهلُ الحياء في بعض الأزمان وبعض الأمكنة، وقد ثبت أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتجنَّبه، وقد ثبت أنَّه -عليه السلام- كان أشدَّ حَيَاءً مِن العذْرَاءِ في خِدْرِهَا (٣) وأنَّه كان لا يُثْبِتُ بصرَه في أحدٍ حياءً منه. فلولا اختلاف العرف لم يفعل -عليه السلام- ما يُستَحيي منه في غير زمانه -عليه السلام-.

وقد غَلِطَ من جرح الصُّوفيَّة بما يرتاضون عليه من هذه المباحات، مغتراً بعموم تمثيلِ الفقهاءِ، والوجهُ في الغلط في ذلك أنَّه ليس بجرح في


(١) لم نجده في سنن أبي داود، وفي " المطالب العالية " ٢/ ٣١٩ من طريق عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل قائماً وقاعداً. وفيه ابن أبي ليلى وهو ضعيف، وفي سنن الترمذي (١٨٨٠) وصححه عن ابن عمر قال: كنا نأكل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام.
(٢) المحفوظ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أردف خلفه صفية زوجته كما في البخاري (٦١٨٥) ومسلم (١٣٤٥) ولم نقف فيما بين أيدينا من مصادر على هذا الذي ذكره المصنف. وفي سنن ابن ماجه (٢١٣١) عن ميمونة بنت كردم اليسارية أن أباها لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي رديفة له، فقال: إني نذرت أن أنحر ببوانة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل بها وثن؟ قال: لا، قال: أوف بنذرك، وإسناده قوي وصححه البوصيري في الزوائد. فميمونةُ في هذا الحديث كانت ردف أبيها لا ردف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وانظر " مسند أحمد " ٦/ ٣٣٦.
(٣) أخرجه من حديث أنس بن مالك البخاري (٣٥٦٢) و (٦١٠٢) و (٦١١٩) ومسلم (٢٣٢٠) وابن ماجه (٤١٨٠)، والترمذي في " الشمائل " (٣٥١) وأحمد ٣/ ٧٧ و٧٩ و٨٨ و٩١ و٩٢، وفي الباب عن أنس عند البزار، وعن عمران بن حصين عند الطبراني كما في " المجمع " ٩/ ١٧. والخدر: سِترٌ يُمُد للجارية في ناحية البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>