للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزيزٌ غفورٌ} [فاطر: ٢٨]، ثم قوله: {يَرْجُونَ تجارةً لن تبورَ} [فاطر: ٢٩]، ثم قوله: {إنه غفورٌ شكورٌ} [فاطر: ٣٠].

ثم ذكر آية الرجاء الكبرى في قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِه .. } [فاطر: ٣٢]، إلى آخرها، كما تقدم في موضعه.

الفائدة الثالثة: أن الرجاء والخوفَ من المختلفات التي يمكن اجتماعها، لا من المتضادَّات التي يستحيل اجتماعها، وبذلك قد يجتمعان في الآية الواحدة، كقوله: {يحذرُ الآخرةَ ويرجو رحمة ربه} [الزمر: ٩]، فهما كالصلاة والزكاة، لا كالإيمان والكفر، والصوم والفِطر، فاعرف ذلك.

ومن ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ .. } إلى قوله: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام} [المائدة: ٩٤]، وفيه تحذير من التَّمكن من المعاصي، وبيان أنه

للامتحان.

وأما قوله تعالى في " الأنعام " [١٥]: {قُلْ إنِّي أخافُ إنْ عَصَيْتُ ربِّي عذاب يوم عظيم}، فالظاهرُ أنها كقوله: {لَئِنْ أشرَكْتَ ليحبطنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥]، أي: لئن عصيتُ ربي بما لا يَغْفِرُ لي، وهو عليه السلام معصومٌ عن (١) ذلك، وكذلك قوله: {إذاً لأذقناك ضِعْفَ الحياة وضِعْفَ المَماتِ} [الاسراء: ٧٥]، خرج مخرج: {لئن أشركتَ} بغير شَكٍّ، وإنما المراد تخويف المؤمنين من ارتكاب المعاصي، والتحكم والتَّألِّي على الله في مغفرته، وإنما يغفر سبحانه لمن يشاء لا حكم لعبدٍ من عباده عليه.

وقال تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون} [الأنعام: ٥١]. وقد تقدم ما فيها من


(١) في (د) و (ف): " من ".

<<  <  ج: ص:  >  >>