للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آيات الشفاعة من أن معناها تنزيهُ المؤمنين مما ثبت ذمُّ المشركين به من اتخاذِ شركائهم -في زعمهم- شركاء لله وشفعاء إليه.

ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: ٦٥].

وقد ثبت في الأحاديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن الخَصلتين الأولتين، ولم يُجَبْ في الثالثة (١)، وأثها عقوبة هذه الأمة، فليحذرها المؤمن، فإن ترك الذنوب أهون منها بكثيرٍ، وقد قيل في الأمثال:

حنانَيك بعضُ الشَّرِّ أهونُ مِنْ بعضِ

فكيف يبدل الخير بالشر، واختيار النور على الظلمات، وكم بين أُنسِ الطاعة ووحشة المعصية.

ومن ذلك قوله تعالى في [الأنفال: ١٦]: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير}.

وهذا أشدُّ وعيدٍ علمتُه للمؤمنين. وقد قال الحسن البصري: إنه مختصٌّ


(١) أخرج ابن أبي شيبة ١٠/ ٣٢٠، وأحمد ١/ ١٨١ - ١٨٢، ومسلم (٢٨٩٠) من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعاً: " سألت ربي ثلاثاً، فأعطاني ثنتين، ومنعني واحدة، سألتُ ربي أن لا يُهلك أمتي بالسَّنَة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمي بالغرق، فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعنيها ".
وأخرجه بنحوه أحمد ٥/ ١٠٩، والترمذي (٢١٧٥)، والنسائي ٣/ ٢١٦ - ٢١٧ من حديث خباب.
وأخرجه أحمد ٥/ ٢٧٨ و٢٨٤، ومسلم (٢٨٨٩)، وأبو داود (٤٢٥٢)، والترمذي (٢١٧٦)، وابن حبان (٤٥٥١) و (٦٧١٤) و (٧٢٣٨) من حديث ثوبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>