للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمن فرَّ يومَ بدرٍ (١)، لقوله تعالى: {يَومئذٍ} ويقدم في ذلك حديثٌ مرفوعٌ من حديث أبي سعيد. رواه أبو داود والنسائي، والحاكم، وقال: صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، ولفظه: أنها نزلت فينا أهل (٢) بدر (٣)، وفي حديث أبي هريرة عدَّها في السبع الموبقات. متفق على صحته (٤).

ومع عدم القطع، فمجرد الاحتمال يثيرُ الخوف، كما أن مجرَّدَهُ يثيرُ الرجاء، ولكن وازعُ (٥) الخوف أقوى من روح الرَّجاء، لأن المرجُوَّ لو فات، لم يتضرر الراجي بمجرد فوت منفعته، والمرجُوُّ إذا حصل، كان مجرد زيادة لَذَّةٍ، وأما الخوف، فإنه -على تقدير وقوعه- أمرٌ فظيعٌ، يهونُ في الاحتراز منه بَذْلُ الروح في كل ساعة، كيف إلاَّ أدنى صَبْرٍ، فما كلَّفَ الله عسيراً ولا حرجاً، فله الحمد، وله الشكر، وله الثناء.

ومن ذلك: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} [الأنفال: ٢٤ - ٢٥] الآيات.

وفيها: {ولا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُم} [الأنفال: ٤٦]، وهذا من العقوبة العاجلة.

ومن التوبة [١٣]: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين}، وفيها: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ} [التوبة: ١٨].

ففيهما نصَّ على أن الله أحقُّ أن يُخشى، بل على أنه هو الذي لا يستحق


(١) انظر ص ٩٥ من هذا الجزء.
(٢) في (ف): " يوم ".
(٣) أخرجه أبو داود (٢٦٤٨)، والنسائي في " السنن الكبرى "، والحاكم ٢/ ٣٢٧.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) في (ف): " قارع ".

<<  <  ج: ص:  >  >>