الخشيةَ سواه، لأنه القادِرُ الذي لا مُعَقِّب لحكمه، ولا رادَّ لأمره، فكيف يُقال: إن رجاءَه يمنعُ من خوفه، أو إن مذهب الحقِّ عدمُ خوفه، بل العلم بكمال قُدرته، ونفوذ إرادته هو من خواصِّ عقائد السنة، وبه يتم قصر الخوف على الله دون غيره، ولذلك قال ابن عباس: القدرُ نظام التَّوحيد.
ومن سورة هود [١١٣]: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}. قال أبو حيان في " غريب القرآن " له أي: لا تطمئنوا. وهو حسنٌ. فإنه العرفُ في الرُّكُونِ، والزمخشري ذكرَ أصل الوضع اللغوي، والتفسير بالعُرْفِ أقوى، كالدَّابَّةِ والصلاة ونحو ذلك، وذكر الإمام المهدي محمد بن المطهِّر: أن الموالاة المجمع عليها: حبُّ الظالم لأجل ظلمه.
قلت: ولذلك عُفِيَ عن حاطبٍ، وقَبِلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عُذْرَهُ، واللهُ أعلمُ.
ومن الأحزاب [٣٠] قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}. فهذا وعيد شديد، وأرجو أن يكون هو وأمثاله مما خُوطِبَ به أهل الصلاح من قبيل:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥].
ومنه حديث:" لو سرقت فاطمةُ بنتُ محمدٍ، لقطعتُ يدها "(١). ولكنه لا يمنع الخوف، لاحتماله، والمخوفُ عظيمٌ، لا يخاطِرُ حازمٌ في أدنى أدنى أدنى منه.
ومن " الشورى "[٣٠]: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير} وتقدم حديث عليٍّ عليه السلام في تفسيرها، وهو وإن كان ميسَّراً في الآخرة، فإنها وعيدٌ عظيمٌ في العاجل، وخوف العاجل أنفع لكثيرٍ من
(١) أخرجه من حديث عائشة البخاري (٣٤٧٥) و (٦٧٨٧) و (٦٧٨٨)، ومسلم (١٦٨٨)، وأبو داود (٤٣٧٣)، والترمذي (١٤٣٠)، وابن ماجه (٢٥٤٧)، وابن حبان (٤٤٠٢).