للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألةُ تختلِفُ، فإن كانت تلك المسألة واضحةً جليةً لا تحتاج إلى عربية، جاز له ذلك، وإن كان مما يتعلق بالعربية، لم يجز.

فإنْ قلتَ: إنَّه يُمكن أن يخطىءَ مَن فعل ذلك، فيتوهم أن الكلامَ جليٌّ المعنى، وليس كذلك.

قلتُ: هذا من أهل التمييز والدِّرية في العلم نادر، والاحتراز من الخطأ النادر لا يجبُ، والتبحُّر في العلم لا يَعْصِمُ منه، وقد خطؤوا الزمخشريَ رضيَ الله عنه في بعض المسائل النحوية كما تقدَّم في جواب الأصل الرابع، وفي بعضِ المسائل اللغوية مما ذكره في " الكشاف " كما ذكروه في تخطئته قي تفسير (١) قوله: {بَاخعٌ نَفْسَكَ} [الكهف: ٦] مع أنَّه في هذين الفنين ممن لا يشَقُّ له غبارٌ، ولا يُقاس به الأئمة الكبار، ولم يزل علماءُ العربية يُخطِّىءُ بعضُهم بعضاً، بل قد يَغْلَطُ العربي في عربيته، وفي " الكشاف " (٢) وفي سائر الصحاح أن عدي بن حاتم الصحابي، وهو عربيٌّ محض غَلِطَ في معنى قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: ١٨٧] فظن أنَّه على ظاهره (٣).

وقد اختلف الصحابةُ في الأخوين هل يسميان إخوة (٤)، وفي غير ذلك


(١) ٢/ ٤٧٣.
(٢) ١/ ٣٣٩.
(٣) وهو ما رواه البخاري (١٩١٦) و (٤٥٠٩) و (٤٥١٠) ومسلم (١٠٩٠) وأحمد والحميدي (٩١٦) والترمذي (٤٠٥٠) و (٤٠٥١) و (٤٠٥٢) وأبو داود (٢٣٣٢) والنسائي ٤/ ١٤٨، والطبراني في " الكبير " ١٧/ ١٧٢ - ١٧٩، عن عدي بن حاتم، قال، لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧]، قال له عدي بن حاتم: يا رسول الله! إني أجعلُ تحت وسادتي عقالين، عقالاً أبيض، وعقالاً أسود. أعرف الليل من النهار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ وسادتك لعريض: إنما هو سوادُ الليل وبياض النهار " واللفظ لمسلم.
(٤) جاء في سورة النساء الآية: {فإن كان له إخوة} أي: فإن كان للميت إخوة مع الأبوين، =

<<  <  ج: ص:  >  >>