للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم رجع إلى ما صحَّ لهُ عن غير أُسامة ممن روايتُه أخصُّ وأنصُّ في المعنى، أو متأخرةٌ في التاريخ، فقد يكونُ الرجوعُ على جهة اعتقادِ التخصيص، والبيانِ للمجملات، وقد يكون على جهة النسخ للمنصوصات، وليس يستلزِمُ كذب الراوي الأولِ على كُلِّ تقدير، روى قصة ابنِ عباس في ذلك -كما ذكرت- أحمدُ بن حنبل في مسند أسامة (١)، والنسائي في كتاب البيوع من " سننه " (٢)، وابن ماجة في التجارات (٣).

رواه أحمد من طريق يحيى بن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس، ورواه النسائي، وابن ماجه من طريق أخرى، ويحيى صدوق، وبقيتهم رجالُ الجماعة.

واختلفت الروايةُ عنه كأبي هريرة، فقيل: عنه كما تقدم، وقيل:

عنه: إنَّه قال: إِنما كان ذلك رأياً مني. رواه ابن ماجة، والصحيح الأول كما أن الصحيح في حديث أبي هريرة أن المخبر له بالحديثِ الفضلُ بنُ العباس كما يأتي، فلم يقُلْ أحدٌ من العقلاء: إنَّ ذلك الاختلافَ في حديث ابنِ عباس منسوبٌ إليه دونَ الرُّواة عنه، وإنَّه يُوجبُ تُهْمَتَه مع أن حديثَ ابنِ عباس موضع تُهمةٍ، لأنَّه في رخصة كبيرة، وحديثُ أبي هريرة أبعدُ من التهمة، لأنَّه في الاحتياط في حُرمةِ رمضان، ومصادمة أمراء الجَوْرِ بما يكرهون، فإن مروان قد كان اشتدَّ تَكَبُّرُهُ عليه، فلم يلتفت إليه حتَّى وضح له الحقُّ، وكفي بهذا دليلاً على ورعه وتقواه، ومخالفته لهواه في الابتداء والانتهاء، وقد خرج الحاكم في الفتن عن مالك بن ظالم أنَّه سمع أبا هريرة


(١) ٥/ ٢٠٠ و٢٠٤ و٢٠٦.
(٢) ٧/ ٣٨١ في البيوع: باب بيع الفضة بالذهب، وبيع الذهب بالفضة.
(٣) رقم (٢٢٥٧): باب من قال: لا ربا إلا في النسيئة، وانظر " تحفة الأشراف " ١/ ٤٦ - ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>