للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رشيد أنَّه يقبل إلاَّ أن يُعلم أنَّه ممن يستجيزُ الكذب كالخطَّابية (١) ومَنْ ضاهاها، وحُكي عن الشيخين أبي علي (٢) وأبي هاشم (٣) أنَّه لا يقبل، قال رحمه الله: وكان القاضي يقول: مذهبُ (٤) أبي علي وأبي هاشم أقيسُ، ومذهبُ الفقهاء أقربُ إلى الأثر، وكان يعتمِدُ الأولَ، وهو الذي نختارُه. والذي يدُلُّ على صحته إجماعُ الصحابة على قبوله، وإجماعُهم حجةٌ على ما يأتي بيانُه، أما أنهم أجمعوا، فذلك معلوم من ظاهر حالهم لمن تَصَفَّحَ أخبارَهم، واقتصَّ آثارهم، وذلك لأن الفتنة لما ظهرت فيهم، وتفرَّقوا فِرَقاً، وصاروا أحزاباً، وانتهي أمرُهم بينهم إلى القتلِ والقتالِ، وكان بعضُهم يروي عن بعضٍ بغير مناكرةٍ بينَهم، بل اعتمادُ أحدهم على ما يرويه عمَّن يُوافقه كاعتماده على ما يرويه عمَّن يُخالفه، وذلك ظاهر فيهم كروايتهم عن النعمان بنِ بشير (٥)، وروايتهم عن أصحاب الجمل، وعن


(١) هم أصحاب أبي الخطّاب محمد بن مقلاص، أبو زينب الأسدي الكوفي الأجدع الزراد البزاز، المقتول عام (١٣٨) هـ، وانظر تفصيل القول في هذه الفرقة في " مقالات الإسلاميين ": ١٠ - ١٣، و" التبصير ": ٧٣، و" الفرق بين الفرق ": ٢٤٧ - ٢٥٠، و" الملل والنحل " ١/ ١٧٩ - ١٨١، و" خطط المقريزي " ١/ ٣٥٢، و" نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام " ٢/ ٢٣١ - ٢٤٥.
(٢) هو شيخُ المعتزلة، وصاحبُ التصانيف، أبو علي محمد بن عبد الوهّاب البصري الجبائي، المتوفّى سنة (٣٠٣) هـ مترجم في " سير أعلام النبلاء " ١٤/ ١٨٣ - ١٨٥، وكان -كما يقول الإمام الذهبي- على بدعته - متوسعاً في العلم، سيال الذهن، وهو الذي ذلل الكلام وسهله، ويسر ما صعب منه.
(٣) هو أبو هاشم، عبد السلام بن محمد بن عبد الوهّاب البصري، المتكلم المشهور، شيخ المعتزلة وابن شيخهم، تُوفي ببغداد في شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة. " العبر " ٢/ ١٨٧.
(٤) تحرفت في (ب) إلى: بمذهب.
(٥) هو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة، الأميرُ العالمُ، صاحبُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وابنُ صاحبه، ولد سنة اثنتين، وسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعُدَّ من الصحابة الصِّبيان باتفاق، وكان من أمراء معاوية، فولاَّه الكوفة، ثم وليَ قضاء دمشق بعد فضالة، ثم ولي إمرة حمص، روى =

<<  <  ج: ص:  >  >>