للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونَ غيره، فيكون المدعي للعلم صادقاً، والمدعي للشك صادقاً، وكُلُّ أحدٍ أخبر بما يَعْلَمُ مِن نفسه، ولا يُكذّب هذا ولا هذا، كما لو روى هذا خبراً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخبر أنَّه يعلمه، وأخبر غيرُه أنَّه لا يعلمه، صدقناهما معاً.

فقد تبيَّنَ لك بهذا أنا متى قبلنا روايةَ الأئمة: المؤيَّد، والمنصور، ويحيى بنِ حمزة عليهم السلام، وسائرِ من (١) روى ذلك مِن عيون أهل العلم، فقد جمعنا بينَ قبول كلامهم، وقبولِ كلام أبي طالب عليه السلام، وأما لو عملنا على (٢) أن كلام أبي طالب مُقَدَّمٌ على روايتهم، لكنا قد نسبنا إليهم ما لا يليق بهم مِن القول بغيرِ علم، والرواية من غير تثبث، وذلك لا يجوز، مع أنَّا سلَّمنا أن أحداً مِن العدول عارض روايتهم معارضةً صريحة (٣)، وادعى العلمَ ببطلان الإجماع، لكان لنا أن نُرَجِّحَ روايتهم بوجوه:

أحَدُهَا: كثرتُهُم، فقد ثبت دعوى الإجماع عن الأئمة والعلماء المذكورين، وعن جميع العِصابة العظمى مِن فقهاء الطوائف مع كثرتهم وسَعةِ علمهم، وكثرةِ اطَّلاعهم، فإن هؤلاء الذين ادَّعَوا الإجماعَ مِن أكثرِ العلماء معرفةً بأحوال الصحابة.

وثالثها (٤): أنهم مُثْبِتُون، والمُثْبِتُ مقدَّمٌ على النافي للإجماع إلا أن يُثبت خلافاً معيناً عن بعضِ أهل الإجماع وذلك لم يكن، فقد روينا نصَّ


(١) في (ب): " ممن " وهو خطأ.
(٢) في (ب): لو علمنا أن كلام ....
(٣) في (ب) و (ج): صحيحة.
(٤) كذا الأصول: ثالثها، مع أنه لم يرد ذكر للوجه الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>