إن هذا الشاهد هو فلان بنُ فلان الثقة المشهورُ أعرفه، ولا أشكُّ فيه، وقال آخر: أما أنا، فعندي شكٌّ في هذا، ولا أتحقق أنَّه هذا الذي ذكريت، فإنَّه يعمل على قول مَن علم، وبترك قول مَنْ شكَّ وهذا ظاهر عند أهل العلم، وكذا في غير هذه الصورة من سائر (١) المسائل، كما لو أخبر ثقةٌ بنجاسة هذا الماء أو طهارتِهِ، وشك آخرُ، فالعمل على قول مَنْ أخبر عن العلم واليقين دونَ من شك وتردَّدَ.
وكذلك الإجماعُ قد ادَّعى المنصورُ، ويحيى بنُ حمزة عليهما السلام، وكذلك المؤيَّدُ بالله عليه السلام، والقاضي زيد، وعبدُ الله بن زيد، والفقهاء بأسرهم ومَنْ لا يأتي عليه العَدُّ والإحصاءُ مِن الأصوليين وسائر علماء الطوائف أنَّهم علموا إجماعَ الصحابة والتابعين على قبولِ الفاسق المتأول، وجزموا بالقولِ في ذلك، وقطعوا على حصولِ العلم لهم بهذا الإجماعِ، وأحالوا العلمَ بذلك إلى الاطلاع على التواريخ، وأخبارِ الصحابة كما أشار إليه المنصورُ بالله عليه السلام، وهؤلاء جَمٌّ غفير، وعددٌ كثيرٌ من أهل الفضل والتقوى والورع الشحيح فيما يصدر عنهم من الرواية والفتوى، فخبرهم يُفيدُ العلمَ القاطع، أو الظَّّنَّ الراجح، ومن تمسَّك بروايتهم، واعتمد على تصديقهم، واستند إلى خبرهم، لم يستحق الإنكارَ والتشنيع، ويعترض عليه بأن غيرَهم من الأئمة العلماء شكَّ في دعوى الإجماع، وأورد أسئلة تقطع في طريقهم، فإن لهم أن يُجيبوا بأنَّ العلم يحْصُلُ عند كثرة المطالعة لأخبار الصحابة، والإحاطة بأحوالهم، ولا شَكَّ أن أحوال الناس تخْتَلِفُ في ذلك، وقد يكون بعض أهلِ العلم أكثرَ إطلاعاً مِن بعض في بعضِ المسائل، فيَحْصُلُ له العلمُ