للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح " كَيْفَ وَقَدْ قيلَ " (١) ففيه تنبيهٌ على حسن قبولِ خبر من أخبر عن تحريم أو وجوبٍ بمجرد القول مِن غير ظن على جهةِ الاحتياط، فكيف مع الظن الغالب، والصِّدْقِ الراجح خرج من ذلك المصرح، وبقي المتأوِّل.

الحجة التاسعة والعشرون: قولُه عليه السلام في حديث الحسن بن علي عليهما السلام " دَعْ ما يُرِيْبُكَ إلى ما لَا يُرِيبُكَ " (٢) وهذا حديثٌ حسن معمول به، خرَّجه النواوي في مباني الإسلام وحسنه، ورواه الترمذي في " جامعه " وهو يدُلُّ على قبول من يظن صدقه، لأن رده مما يُريب خوفاً أن يكونَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك الذي رواه.

فإن قلتَ: إن تصديقَهم ريبٌ أيضاًً، فتعارضت جِهتا الترجيحِ، فوجب الوقف.

قلت: الجوابُ مِن وجوه:

أحدها: أن قبولَهم يُريب ريباً مرجوحاً، فلم يُعتبر، لأن الريبَ المرجوح حاصلٌ في خبر الثقة المتنزِّه من البدع، فكما أنَّه لم يُؤثر فيه، كذلك (٣) هذا.

وثانيها: أن نقولَ: اجتمع في قبوله ورده رَيْبَانِ، ففي قبوله ريبٌ مرجوح موهوم، وفي ردِّه ريبٌ راجح مظنون، فوجب الاحترازُ مِن الرَّيْبِ الرَّاجِحِ المظنون، لأن فيه مضرةً مظنونةً، ولم يجب الاحترازُ مِن الريب


(١) تقدم تخريجه في الجزء الأول صفحة ٣٨٢.
(٢) إسناده صحيح، أخرجه أحمد ١/ ٢٠٠، والترمذي (٢٥١٨)، والطيالسي (١١٧٨)، وعبد الرزاق (٤٩٨٤)، والطبراني (٢٧٠٨) و (٢٧١١)، وصححه ابن حبان (٥١٢)، والحاكم ٢/ ١٣ ووافقه الذهبي.
(٣) في (ب): فكذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>