للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجهُ الثاني: أنَّ الله شَدَّدَ في الشهادة، فلم يقبل إلا اثنينِ، وأكد إنكارَ المُنْكِرِ باليمين (١)، ولم يقبل منْ بينَه وبَيْنَ أخيه عداوةٌ إلى غير ذلك بخلاف الحديث، فَكُلُّ هذه الأمور (٢) مقبولةٌ فيه.

قال بعضُ العلماء: وذلك لِقوة الداعي إلى الصدق (٣) في الحديث، وقِلَّةِ الداعي إلى الكذب فيه.

وأما مما يقدر مِن قوة محبة الكذبِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو في نفسه نادر، وعلى تقدير وقوعه، فهو مِن العدل المتأوّل نادرٌ جداً هذا معلومٌ بالضرورة، فلما علمنا أنَّ الصدق في حديثهم أكثري، وأن الكذبَ نادرٌ، وجب ترجيحُ الصدقِ المعلومِ الغالبِ الراجحِ الأكثري على الكذبِ الموهومِ النادرِ المرجوح.

السادس: أن لهم خطأً وصواباً، فوجب النظرُ في أيُّهما أكثرُ، فما كان أكثرَ، علق به الحكم إلا ما خصَّه الدليلُ، وقد نظرنا، فوجدنا صوابَهم أكثر، لأنهم أقاموا أركانَ الإسلامِ الخمسة، وانْتَهَوْا عن جميع الكبائر المعلومهَ، وآمنوا بكُلِّ ما هو معلومٌ بالضرورة من الدين، وكثيرٌ منهم لا يعصي إلا في فعلٍ واحد، أو اعتقاد واحد وقع فيه أيضاًً مع عدم العلم بتحريمه، ومع وجود الشُّبْهَةِ في فعلِه واعتقادِهِ.

وبيان ذلك أن لِلدين عموداً وهو الإِيمانُ بالقلب، وأركاناً ظاهرة، وهي الخمسةُ المنصوصة: الشهادتان، والصلاةُ والصيامُ والحجُّ والزكاةُ،


(١) انظر " شرح السنة " ١٠/ ٦٨ - ١٠٢.
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): داعي الصدق.

<<  <  ج: ص:  >  >>