للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُهما: أن المثبِتَ أولى من النافي.

والثانية: أنَّ راويَ الإجماع ناقلٌ عن حكم الأصل، والناقِلُ أولى، وقد بيَّنا فسادَ ما ذكره فيما تقدَّم (١)، وإنما أردنا بهذا أن يحتجَّ عليه بما هو صحيحٌ على أصله.

الثاني: أنَّ شروطَ التعارض عزيزة كما ذكرها في الفرق بين النسخ والبداء (٢) وبيانُه في مسألتنا أنَّه يقعُ الإجماعُ من أهل عصر والخلافُ بينَ أهل عصر آخر، فإن كان الإجماعُ متقدماً، فالخلافُ وقع ممَّن لم (٣) يعلم بالإجماعِ، وإن كان الإجماعُ متأخراً، فذلك ظاهر.

الثالث: أن أقلَّ أحوالِ مدَّعِي الإِجماعِ أن يعرف أنَّهُ قولُ الجماهير، وأنه لا يُعرف في ذلك خلافاً حتى لا يُنسب المختار لهذا القول إلى الشذوذ.

فإن قيل: فقد روى الإمامُ الخلافَ في " المعيار " فتناقض.

قلنا: شرطُ التناقض عزيز، إذ لا يَصِحُّ مع إمكان الجمع، والجمعُ ممكن وذلك أن يكون الخلافُ الذي في "المعيار" منسوباً إلى أهل


(١) " فيما تقدم " سقط من (ب).
(٢) والقول بالبداء -وهو أن الله سبحانه وتعالى يغير ما يريد تبعاً لتغير علمه، وأنَّه يأمر بالشيء ثم يأمر بخلافه- هو اعتقاد الكيسانية أتباع المختار بن عبيد الثقفي، الذين ظهروا عقب مقتل الحسين رضي الله عنه، وقد قال الشهرستاني في " الملل والنحل " ١/ ١٤٩: وإنَّما صار المختار إلى اختيار القول بالبداء، لأنَّه كان يدعي علم ما يحدث من الأحوال: إمَّا بوحي يوحى إليه، وإمَّا برسالة من قِبل الإمام، فكان إذا وعد أصحابه بكون شيء، وحدوث حادثة، فإن وافق كونه قوله، جعله دليلاً على صدق دعواه، وإن لم يوافق، قال: قد بدا لربكم. وإن ذلك بلا شك ضلال مبين، وفساد في الاعتقاد.
(٣) سقطت من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>