للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالحسنين، وزينِ العابدين، والباقرِ، والصادقِ وسائرِ مَنْ عاصرهم لم يكتب أحدٌ منهم في علم الحديث عشرةَ أجزاء ولا نصف ذلك ولا ما يُقاربه، وليست الدرجاتُ العلية تُنَالُ في الآخرة بكثرةِ الرواية، وسَعَةِ الحفظ، وجمع الطُّرُقِ والأجزاء، وضبط مشكلات الأسماء مع إهمال ما هُوَ أهَمُّ مِن هذَا (١) من أمورِ الدين وصلاحِ المسلمين، وقد صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر أويساً القَرني: " أنَّه يشفع في مثل ربيعة ومضر " (٢) وجاء في فضله ما لم يحضرني الآنَ مع أن بعضُ أهل الحديث من أهل الحفظ الواسع، والاطلاعِ التام على معرفة الرِّجال ذكر أنَّه لم يُرو عن أويس حديثٌ قَطُّ، ولقد كان السلفُ يقِلُّونَ الرواية جداً، فعن أبي عمرو الشيباني (٣) قال: كنت أجلس إلى ابنِ مسعود حولاً لا يقولُ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - استقلَّته الرِّعْدَة، وقال: هكذا أو نحو هذا أو هذَا، مع أنَّ ابنَ مسعود كان من أوعية العلم، وأعيانِ علماء


(١) " من هذا " ساقط من (ب).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ١٢/ ١٥٣، والحاكم في " المستدرك " ٣/ ٤٠٥ من طريقين عن هشام، عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... ، فذكره، وإسناده ضعيف لإرساله. وقد روى مسلم في " صحيحه " (٢٥٤٢) من حديث عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن رجلاً يأتيكم من اليمن يُقال له: أويس، لا يدع باليمن غير أم له، قد كان به بياض، فدعا الله، فأذهبه عنه. إلاَّ موضع الدينار أو الدرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم " وفي رواية: " إنَّ خير التابعين رجل يقال له: أويس، وله والدة، وكان به بياض، فمروه فليستغفر لكم " وزادَ في رواية: " لو أقسم على الله لأبرَّه " وقد ترجمَ له الذهبي في " السير " ٤/رقم الترجمة (٥)، فقال: هو القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه، أبو عمرو أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني، وقرن: بطن من مراد، وفد على عمر، وروى قليلاً عنه، وعن علي.
روى عنه يُسَيْرُ بن عمرو، وعبدُ الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عبد رب الدمشقي وغيرهم حكاياتٍ يسيرة، ما روى شيئاً مسنداً، ولا تهيأ أن يحكم عليه بلين، وقد كان من أولياء الله المتّقين، ومن عباده المخلصين.
(٣) واسمه سعد بن إياس، مجمع على ثقته، أخرج حديثه الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>