وعلق حديث جابر في كتاب العلم بصيغة الجزم، فقال: ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد. وعلقه في كتاب التوحيد بصيغة التمريض، فقال: ويُذكر عن جابر، عن عبد الله بن أنيس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " يحشر الله العباد، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان ". وقد قال الحافظ: جزم به حيث ذكر الارتحال فقط، لأن الإسناد حسن وقد اعتضد، وحيث ذكر طرفاً من المتن لم يجزم به، لأن لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب، فإنه يحتاج إلى تأمل، فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طرق مختلف فيها ولو اعتضد. وما علق بصيغة التمريض، منها ما هو صحيح على شرطه، وقد أورده في موضع آخر من " جامعه "، ففيه ١/ ٤٤ في المواقيت، باب: ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعاً: ويذكر عن أبي موسى قال: كنا نتناوب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند صلاة العشاء فأعتم بها، وقد رواه موصولاً (٥٦٧) في باب: فضل العشاء .. ، ولفظه فيه: فكان يتناوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند صلاة العشاء كل ليلة نفر منهم. وقال في كتاب الطب ١٠/ ٧٦، باب: الرقي بفاتحة الكتاب: ويذكر عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أسنده (٥٧٣٧) في الباب الذي بعده من حديث ابن أبي مليكة عن ابن عباس في قصة، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: " إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ". ومما أورده بصيغة التمريض، ولم يورده في موضع آخر من كتابه، وهو صحيح، ما جاء في كتاب الأذان من " صحيحه " ٢/ ٢٠٤: ويُذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم " وهو حديث صحيح أخرجه مسلم في " صحيحه " (٤٣٨) من طريق أبي نضرة العبدي، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأي في أصحابه تأخراً، فقال لهم: " تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم ... ". وجاء في كتاب الصلاة ٢/ ٢٥٥: ويذكر عن عبد الله بن السائب قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - (المؤمنون) في الصبح، حتى إذا جاء ذكر موسى أو هارون أو ذكر عيسى أخذته سعلة، فركع. وهو حديث صحيح أخرجه مسلم (٤٥٥) في الصلاة، باب: القراءة في الصبح، من طرق عن عبد الله بن السائب. وبهذا يتبين لك أن ما صححه المؤلف في هذه المسألة غير صحيح، وأن تعاليق البخاري لا يتم الحكمُ على المروي منها بشيء من الصحة ولا الحسن ولا الضعف إلا بعد الكشف والفحص عن حال ما علقه. =