قال ابن ماكولا: كان أبو بكر آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفة، وحفظاً، وإتقاناً، وضبطاً لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتفنناً في علله وأسانيده، وعلماً بصحيحه وغريبه، وفرده ومنكره ومطروحه، ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن الدارقطني مثله. مرجم في " السير " ١٨/ ٢٧٠ - ٢٩٧. (٢) أوردها الإمام الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " ١/ ٣٤١ - ٣٥٨، وتكلم على كل حديث منها، وأبان عن درجته بما تقتضيه الصناعة الحديثية، ثم لخص كلامه بقوله: وبالجملة فهذه الأحاديث كلها ليس فيها صريح صحيح، بل فيها عدمهما أو عدم أحدهما، وكيف تكون صحيحة، وليست مخرجة في شيء من الصحيح، ولا المسانيد ولا السنن المشهورة، وفي روايتها الكذابون والضعفاء والمجاهيل الذين لا يوجدون في التواريخ، ولا في كتب الجرح والتعديل كعمر بن شمر، وجابر الجعفي، وحصين بن علي الأصبهاني الملقب بجراب الكذب، وعمر بن هارون البلخي، وعيسى بن ميمون المدني وآخرون أضربنا عن ذكرهم ... ثم نقل عن صاحب " التنقيح " قوله: وهذه الأحاديث التي استدل بها على الجهر بالبسملة في الجملة لا يحسن بمن له علم بالنقل أن يعارض بها الأحاديث الصحيحة، ولولا أن يعرض للمتفقه شبهة عند سماعها، فيظنها صحيحة، لكان الإضراب عن ذكرها أولى، ويكفي في ضعفها إعراض المصنفين للمسانيد والسنن عن جمهورها، وقد ذكر الدارقطني منها طرفاً في " سننه " فبين ضعف بعضها، وسكت عن بعضها، وقد حكى لنا مشايخنا أن الدارقطني لما ورد مصر، سأله بعض أهلها تصنيف شيء في الجهر، فصنف فيه جزءاً، فأتاه بعض المالكية، فأقسم عليه أن يخبره بالصحيح من ذلك، فقال: كل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجهر فليس بصحيح، وأما عن الصحابة، فمنه صحيح وضعيف، ثم تجرد الإمام أبو بكر الخطيب لجمع أحاديث الجهر، فأزرى على علمه بتغطية ما ظن أنَّه لا ينكشف، وقد بينا عللها وخللها. وانظر " شرح السنة " ٢/ ٥٣ - ٥٧ للبغوي، و" الناسخ والمنسوخ " ص ٧٩ - ٨٢ للحازمي. (٣) في (ب): الرواية.