وأخرج مسلم (٤٩٨) من طريق بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ (الحمد لله رب العالمين). قال الزيلعي: وهذا ظاهر في عدم الجهر بالبسملة، وتأويله على إرادة اسم السورة يتوقف على أن السورة كانت تسمى عندهم بهذه الجملة، فلا يعدل عن حقيقة اللفظ وظاهره إلى مجازه إلا بدليل. ثم قال ١/ ٣٣٤ - ٣٣٥: ومما يدل على أن البسملة ليست آية من السورة، فلا يجهر بها: ما رواه البخاري في " صحيحه " (٤٤٧٤) من حديث أبي سعيد بن المعلى قال: " كنت أصلِّي في المسجد، فدعاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم أُجبه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، فقال: ألم يَقُل الله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} ثم قال لي: لأعلمنَّك سورةً هي أعظم السُّوَر في القرآن قبل أن تخرج من المسجد، ثم أخذ بيدي، فلمَّا أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ". قال الزيلعي: فأخبر أنها السبع المثاني، ولو كانت البسملة آية منها لكانت ثمانياً، لأنها سبع آيات بدون البسملة، ومن جعل البسملة منها إما أن يقول: هي بعض آية، أو يجعل قوله {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} إلى آخرها آية واحدة. ومما يدل أيضاًً على أن البسملة ليست من السورة ما أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن شعبة، عن قتادة، عن عباس الجشمي، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن سورة من القرآن شفعت لرجل حتى غفر له وهي {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} انتهى. قال الترمذي: حديث حسن، ورواه أحمد في " مسنده "، وابن حبان في " صحيحه "، والحاكم في " مستدركه "، وصححه، وعباس الجشمي، يقال: إنَّه عباس بن عبد الله، ذكره ابن حبان في " الثقات "، ولم يتكلم فيه أحد فيما علمنا، ووجه الحجة منه أن هذه السورة ثلاثون آية بدون البسملة بلا خلاف بين العادين، وأيضاًً فافتتاحه بقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} دليل على أن البسملة ليست منها. (١) في (ب): شهد. (٢) في (ش): ولو. (٣) في (ب): واختاره.