للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ضعَّفُوا ما روى مسلمٌ (١) منْ طريقِ عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّار أنَّ أبا سفيان طلب مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعد إسلامه أَنْ يُزَوِّجَهُ أُمَّ حبيبةَ، حَتَّى قال ابنُ


= ٥/ ٢٠٤ وغيره، فتعارضت الرواية في ذلك عنه، فتترجح رواية بلال من جهة أنَّه مثبت وغيره ناف، ومن جهة أنَّه لم يختلف عليه في الإثبات، واختلف على من نفي.
وقال النووي وغيره: يجمع بين إثبات بلال ونفي أسامة بأنهم لما دخلوا الكلعبة، اشتغلوا بالدعاء، فرأي أسامة النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو، فاشتغل أسامة بالدعاء في ناحية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في ناحية، ثم صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرآه بلال لقربه منه، ولم يره أسامة لبعده عنه واشتغاله، ولأن بإغلاق الباب تكون الظلمة مع احتمال أن يحجبه عنه بعض الأعمدة، فنفاها عملاً بظنه.
(١) رقم (٢٥٠١) في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه من طريق النضر بن محمد اليمامي، حدثنا عكرمة، حدثنا أبو زميل، حدثني ابن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان، ولا يقاعدونه، فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا نبي الله، ثلاثاً أعْطِنيهنَّ، قال: " نعم "، قال: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجُكها، قال: " نعم " قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك، قال: " نعم "، قال: وتؤمِّرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، قال: " نعم ".
قال أبو زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما أعطاه ذلك، لأنَّه لم يكن يسأل شيئاً إلا قال: نعم.
قلت: قد انتقد أهل العلم هذا الحديث من جهة متنه، ومن جهة إسناده، أما جهة متنه فقد اتفق أهل العلم على أن أم حبيبة -واسمها رملة بنت صخر- كانت تحت عبيد الله بن جحش، وولدت له، وهاجر بها وهما مسلمان إلى أرض الحبشة، ثم تنصر، وثبتت أم حبيبة على دينها، فبعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي يخطبها عليه، فزوجه إياها وأصدقها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة آلاف درهم، وذلك في سنة سبع من الهجرة، وجاء أبو سفيان سنة ثمان إلى المدينة، فدخل عليها، فثنت بساط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يجلس عليه، ولا خلاف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما عام الفتح، وبين الهجرة والفتح عدة سنين، وأما إمارة أبي سفيان، فلم يثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - ولاّه على شيء.
وأما من جهة السند، فإن عكرمة -وهو ابن عمار العجلي- مختلف فيه، ضعفه يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: ليست أحاديثه بصحاح، وقال الإمام أحمد: عكرمة مضطرب الحديث عن غير إياس بن سلمة، وقال أبو حاتم: عكرمة هذا صدوق، وربما وهم، وربما دلس، ووثقه ابن معين، وأبو داوود، وقال النسائي: ليس به بأس إلا في حديث يحيى بن أبي كثير، ووصفه ابن معين بأنه أمي. وقال الذهبي في " ميزان الاعتدال " ٣/ ٩٣: وفي " صحيح مسلم " قد ساق له أصلاً منكراً عن أبي زميل سماك الحنفي، عن ابن عباس في الثلاثة التي =

<<  <  ج: ص:  >  >>