للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحتجاج في الصَّحيحَيْن بما أُخِذَ عنهم قَبْلَ ذلِكَ.

الرابع: أن يعلو (١) بالشَّخْصِ الضَّعيفِ إسنادُه، وهو عِنْدَهُ مِنْ

رواية الثِّقَات [نازِل]، فيقتصِرُ على العالي، ولا يُطَوِّل (٢) بإضافةِ النَّازل

مُكْتَفِيَاً بمعرِفَةِ أَهْلِ الشَّأْنِ [في] ذلك، وهذا العُذْر (٣) قد رَوينَاهُ عنه

تَنْصِيصَاً، وَهُوَ خلافُ حالِهِ فيما رواه عَنِ الثِّقاتِ أوَّلاً، ثُمَّ أتبعهم بِمَنْ (٤)

دونَهُم متابَعَةً، وكأنَّ ذلِكَ وَقَعَ منه بحسبِ حُصولِ باعثِ النَّشاط وغيبته،

روينا عَنْ سعيد بن عمرو أنَّه حضر أبا زرعة، وذكر " صحيح مسلم "


= وكذا كان العقيلي يصحح روايته، وأدخلها في الصحيح الذي ألفه، وأكثر عنه الطبراني، وقال الحاكم: قلت للدارقطني: أيدخل في الصحيح؟ قال: أي والله.
قال الحافظ العراقي وغيره: وكأن من احتج به لم يبالِ بتغير عبد الرزاق لكونه إنما حدثه من كتبه لا من حفظه. ونحوه قول ابن كثير: من يكون اعتماده في حديثه على حفظه وضبطه ينبغي الاحتراز من اختلاطه إذا طعن في السن، وأما إذا كان الاعتماد على كتابه وضبطه، فلا.
وقال الحافظ ابن حجر: المناكير الواقعة في حديث الدبري إنما سببها أنَّه سمع من عبد الرزاق بعد اختلاطه، فما يوجد من حديث الدبري عن عبد الرزاق في مصنفات عبد الرزاق، فلا يلحق الدبري منه تبعة إلا إن صحف وحرَّف، وقد جمع القاضي محمد بن أحمد بن مفرج القرطبي الحروف التي أخطأ فيها الدبري، وصحفها في " مصنف عبد الرزاق "، وإنما الكلام في الأحاديث التي عند الدبري في غير التصانيف، فهي التي فيها المناكير، وذلك لأجل سماعه منه في حال اختلاطه.
فهذه النقول تدل دلالة واضحة على أن تغير عبد الرزاق بعد العمى لا يؤثر في مصنفاته، لأنها دونت قبل أن يتغير، وسماع الدبري اعتماده على الكتاب لا على الحفظ. وقد ذهل عن هذا من ينتحل صناعة الحديث في عصرنا، فضعف حديثاًً أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه "، وحجته في ذلك أنَّه لا يدري هل حدَّث به عبد الرزاق قبل التغير أم لا!!
(١) تحرفت في الأصول إلى: " يعلق "، والتصويب من " شرح مسلم " للنووي، و" صيانة صحيح مسلم " لابن الصلاح.
(٢) في الأصول: " يكون "، والتصويب من " شرح مسلم " و" صيانة صحيح مسلم ".
(٣) في (ج): " القدر "، وليس بشيء.
(٤) في (أ) و (ج): " لمن "، ولفظ ابن الصلاح: وهو على خلاف حاله فيما رواه أولاً عن الثقات، ثم أتبعه بالمتابعة عمن هو دونهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>