للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِسَائِهِ قَالَ: فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ لَنَا طَلِبَةً، فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا. فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظُهْرَانِهِمْ فِي عُلُوِّ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: لَا، إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا. فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ. فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ. قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟ . قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ، إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ.»

(١٩٠٢) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى)، قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ. فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى، آنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ


= أبي الزغباء الجهني (عينا) أي جاسوسًا (عير أبي سفيان) بكسر العين، أي قافلته: وكانت هذه القافلة قد خرجت من مكة إلى الشام، فخرج لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذي العشيرة بجوار ينبع في جمادى الأولى سنة اثنتين من الهجرة في مائتين من المهاجرين. ولكنها فاتته بأيام، فلما اقترب رجوعها من الشام إلى مكة بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد لاكتشاف خبرها، فنزلا بالحوراء، حتى إذا مرت القافلة أسرعا إلى المدينة، ولقيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بتربان في طريقه إلى بدر، فتقدم حتى إذا اقترب من الصفراء بعث بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء إلى بدر يتجسسان له أخبار العير، فجاءا وأخبرا بوصول العير إلى بدر في غد أو بعد غد، هذا ملخص ما ذكره أهل السير، ولكن سياق هذا الحديث يختلف عنه كثيرًا، فإنه كالنص على أن الجاسوس كان قد جاء بالأخبار في المدينة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما طلب من الناس الخروج بعد مجيئه وإخباره (طلبة) بفتح الطاء وكسر اللام، هو الشيء المطلوب، يريد أننا خارجون لطلب القافلة (فمن كان ظهره) أي مركوبه من الإبل والدواب (في ظهرانهم) بالضم أي في إحضار مركوباتهم (في علو المدينة) بضم العين وكسرها، واللام ساكنة، أي في جهتها العالية، وهي جهة قباء، وما يجاورها من الشمال والجنوب والشرف (حتى أكون أنا دونه) أي قدامه، أو أكون وراءه بالإذن فيه أو الأمر به، وذلك لئلا يفوت شيء من المصالح التي لا يفهمها كل أحد (فدنا المشركون) أي اقتربوا من صفوف المسلمين (بخ بخ) بفتح الباء وإسكان الخاء أو كسرها مع التنوين. كلمة تقال لتفخيم الشيء، وإظهار الفرح به (رجاءة) بزيادة التاء منصوبة منونة أو مضافة غير منونة بمعنى الرجاء (من قرنه) بفتحتين، أي من كنانته يعني من جعبة نشابه.
١٤٦ - قوله: (بحضرة العدو) بضم الحاء وفتحها وكسرها، أي بحضوره (إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف) الظلال جمع ظل، وظل السيوف إنما يحصل إذا تدنى الخصمان والتحم القتال، ورفع كل منهما سيفه على صاحبه ليقتله، ففيه حض على الجلاد والضراب ومقارعة السيوف والحراب، وهو كلام جامع نفيس مشتمل على بلاغة التعبير مع عذوبة اللفظ وجزالة المعنى (رث الهيئة) أي ذو هيئة بالية تنبئ عن بؤسه وفقره (أقرأ عليكم السلام) وهو سلام المودع الذي صمم على الخروج من الدنيا (جفن سيفه) بفتح الجيم وسكون الفاء، هو غمده، وإنما كسره لأنه صمم =

<<  <  ج: ص:  >  >>