للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلهِ، مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي. قَالَ: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ. وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ. فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ، وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ.»

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ، (يَعْنِي الْمُغِيرَةَ بْنَ سَلَمَةَ)، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «بَيْنَا أَبُو بَكْرٍ قَاعِدٌ وَعُمَرُ مَعَهُ، إِذْ أَتَاهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا أَقْعَدَكُمَا هَاهُنَا؟ قَالَا: أَخْرَجَنَا الْجُوعُ مِنْ بُيُوتِنَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ». ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ.

(٢٠٣٩) حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ مِنْ رُقْعَةٍ عَارَضَ لِي بِهَا، ثُمَّ قَرَأَهُ عَلَيَّ قَالَ: أَخْبَرَنَاهُ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: «لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَقُلْتُ لَهَا: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا شَدِيدًا. فَأَخْرَجَتْ لِي جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ، قَالَ: فَذَبَحْتُهَا وَطَحَنَتْ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي، فَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ، قَالَ: فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا

قَدْ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنَتْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ فِي نَفَرٍ مَعَكَ. فَصَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ لَكُمْ سُورًا، فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَتَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ. فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ لِي،


= إلى بعض الوقت، ومن تكريم الضيف أن يقدم له شيء في أول مجيئه (وأخذ المدية) بضم الميم وسكون الدال، أي السكين، أخذها ليذبح شاة من شياهه (والحلوب) بفتح الحاء، هي ذات اللبن من الشاة وغيرها (لتسألن عن هذا النعيم) سؤال الامتنان لا التوبيخ، إذ كانوا قائمين بالشكر، ومقدرين لنعم الله.
١٤١ - قوله: (خمصا) أي جوعًا أو شدة جوع (فانكفأت) أي انصرفت ورجعت (جرابا) بكسر الجيم وتفتح، وعاء معروف من جلد. والصاع كيل يسع أربعة أمداد، ويقارب وزنه اثنين ونصف كيلوغرام (ولنا بهيمة) بضم الباء تصغير بهمة، وهي الصغيرة من أولاد الضأن، تطلق على الذكر والأنثى (داجن) تقدم أنه ما ألف البيوت من البهائم (في برمتها) أي قدرها (فساررته) أي كلمته سرًّا (سورّا) أي طعامًا جيدًا (فحيهلا بكم) بتنوين اللام وقيل بغير تنوينها. أي تعجلوا أو امشوا إليه (بك، وبك) ذم له وعنف عليه، أي إنك ما فعلت ما ينبغي، بل أفسدت وأسأت، فعليك كل ذلك (قد فعلت الذي قلت لي) يعني كلمت النبي - صلى الله عليه وسلم - سرًّا، وأخبرته بما عندنا (واقدحي من برمتكم) أي اغرفي، يعني أخرجي اللحم والمرق شيئًا فشيئًا بالمغرفة (وانحرفوا) أي رجعوا وانصرفوا (لتغط) بفتح التاء وكسر الغين وتشديد الطاء، أي تغلي وتفور بحيث يسمع منها صوت الغليان (كما هو) أي العجين المفهوم من العجينة. ودعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الخندق على هذا الطعام لم يكن من باب استتباع المدعو غيره على طعام الدعوة بغير إذن، بل قد علم - صلى الله عليه وسلم - من =

<<  <  ج: ص:  >  >>