للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا الشَّيْءَ يَكُونُ حَقًّا! قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ».

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ - بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ رِوَايَةِ مَعْقِلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

(٢٢٢٩) حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، (قَالَ حَسَنٌ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، وَقَالَ عَبْدٌ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ)، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ: وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ

الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ. قَالَ: فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ، وَيُرْمَوْنَ بِهِ، فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ.»


= الجن" بالجيم والنون، وله وجه صحيح يرفع الإشكال، وهو أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أولًا إن تلك الكلمة ملقاة أو مأخوذة أو مسموعة من الجن، ثم استأنف الكلام لبيان كيفية تلقي الجن لها، فقال: "يخطفها الجني" أي يسترقها من الملائكة (فيقرها) بفتحتين وتشديد الراء، أي يصبها ويلقيها بصوت (قر الدجاجة) أي مثل صوت الدجاجة وقرقرتها.
١٢٤ - قوله: (حملة العرش) حملة بفتحتين، جمع حامل، وهم الملائكة الذين يحملون العرش (حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا فتخطف الجن السمع) في صحيح البخاري في بدء الخلق عن طريق عروة عن عائشة مرفوعًا [ح: ٣٢١٠]: إن الملائكة تنزل في العنان، وهو السحاب، فتذكر الأمر قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع، فتوحيه إلى الكهان، فالأغلب أن المراد بالسماء في هذا الحديث هو السحاب المذكور في حديث البخاري (فتخطف الجن السمع) وكانت لها مقاعد بعضها فوق بعض إلى السماء، فكان الخاطف الأول يلقيه إلى من تحته، وهكذا الثاني إلى الثالث، والثالث إلى الرابع، حتى يبلغ إلى أوليائهم في الأرض، وهم الكهان (ويرمون به) أي بسببه بالشهاب. وهذا إذا كان مبنيًّا للمفعول، ويحتمل أن يكون مبنيًّا للفاعل، أي كانوا يقذفون ويرمون ذلك المسموع، كرر الفعل مبالغة في بيان إسراعهم بتلك الكلمة إلى الكهان (يقرفون فيه) أي يخلطون فيه الكذب.
( ... ) قوله: (ولكنهم يرقون فيه) بفتح الياء وسكون الراء وفتح القاف من الرقي بمعنى الصعود، أي يدعون فيها فوق ما سمعوه، وحاصله أنهم يزيدون فيه من عند أنفسهم. قوله: (وقال الله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} [سبأ: ٢٣] إنما ذكر هذه الآية لأن الحديث تفسير لها. وقد روى البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا في تفسير سورة سبأ [ح ٤٨٠٠] وغيره: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، - يعني وتعرف ذلك كل طائفة بتسبيح من فوقها، من حملة العرش إلى السماء الدنيا - فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق وهو العلي الكبير - يعني ثم تتلقى ذلك القضاء كل طائفة ممن فوقها - فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن. الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>