للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْيَ الْأَدِيمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَعْجَلْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي. فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ: إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ. وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى. قَالَ حَسَّانُ:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... ... رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... ... تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ

يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... ... عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ


= الأديم ويشق (فشفى) أي المؤمنين (واشتفى) هو بنفسه بما نال من أعراضهم، ونكاهم نكاية لا تستقر لأجلها نفوسهم.
(برًّا تقيًّا) بفتح الباء وتشديد الراء، أي واسع الخير والإحسان، تقيًّا لربه، فلا يأتي إلا ما يرضاه، وكانوا يعرفون أنه لا يرضى إلا الفضل والخير (شيمته) بكسر فسكون، أي خلقه.
(عرضي) بكسر فسكون، وعرض الرجل حسبه، وما يحمد عليه إذا وجد، ويذم عليه إذا انتقص.
(ثكلت) أي فقدت (بنيتي) أي بنتي، فهو بضم الباء، تصغير بنت (إن لم تروها) أي الخيل، ولم يجر لها ذكر، ولكنها تفهم من سياق الكلام، لأنه سيق للوعيد والتهديد بالحرب (تثير النقع) أي تهيج الغبار وترفعه (من كنفي) أي جانبي (كداء) بفتح الكاف، هي الطريق الذي يأتي من جهة الغرب، ويمر بالمعلاة حتى ينزل إلى البطحاء، ومنها إلى المسجد الحرام، فهو طريق الحجون الذي يوصل إلى باب السلام نازلًا من بين مقبرة المعلاة، وفي هذا البيت إقواء لكسر آخر الحروف. ويروى: "تُثير النقع، موعدها كداء" أو "موقعها كداء" وهو صحيح لا إقواء فيه.
(يبارين) من المباراة، وهي المسابقة ومحاولة كل من المتسابقين التقدم على صاحبه (الأعنة) جمع عنان بالكسر، وهو اللجام (مصعدات) أي صاعدات يعني متقدمات إلى مكة، حال، يعني حين تتقدم هذه الخيول إليكم يبدو كأنهن يحاولن أن يسبقن لجامهن، مع أن الفرس لا يسبق لجامه أبدًا، ففيه مبالغة لبيان سرعة الخيول وشدة اندفاعها (على أكتافها) جمع كتف، وهو في الخيول ما فوق اليدين من الظهر، أي قدام الظهر (الأسل) بفتحتين: الرماح، والأسيل كل مسترسل طويل (الظماء) أي العطاش لدمائكم، أي إنها شديدة الشوق لقتالكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>