للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُ سَعْدٍ قَالَ: «كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي إِبِلِهِ، فَجَاءَهُ ابْنُهُ عُمَرُ فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ، فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ: أَنَزَلْتَ فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ الْمُلْكَ بَيْنَهُمْ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ فَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ.»

(٢٩٦٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ سَعْدٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَابْنُ بِشْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: «وَاللهِ إِنِّي لَأَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَقَدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الدِّينِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِي». وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ نُمَيْرٍ: إِذًا.

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ: «حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الْعَنْزُ مَا يَخْلِطُهُ بِشَيْءٍ».

(٢٩٦٧) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ: «خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْمٍ، وَوَلَّتْ حَذَّاءَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لَا زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا: أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفَةِ جَهَنَّمَ فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا لَا يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا، وَوَاللهِ لَتُمْلَأَنَّ، أَفَعَجِبْتُمْ؟ وَلَقَدْ


١٢ - قوله: (إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله) وذلك في السرية التي خرج فيها مع عبيدة بن الحارث في ستين راكبًا، وهي أول السرايا بعد الهجرة وقعت فيها المراماة (إلا ورق الحبلة وهذا السمر) الحبلة بضمتين أو بضم فسكون، والسمر بفتح فضم، هما نوعان من شجر البادية، وقيل: الحبلة ثمر العضاه، والعضاه بالكسر: شجر الشوك كالطلح والعوسج (ليضع) كناية عما يخرج في حال التغوط (كما تضع الشاة) أي يصير ذلك بعرًا مثل أبعرة الشاة لشدة اليبس (ثم أصبحت بنو أسد) أي ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مفر، وكانوا متأخرين في الإسلام، ثم ارتدوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتبعوا طليحة بن خويلد الأسدي لما ادعى النبوة، ثم قاتلهم خالد بن الوليد في عهد أبي بكر الصديق فقتلهم وكسرهم حتى رجع بقيتهم إلى الإسلام، وتاب طليحة، وحسن إسلامه، ثم سكن معظمهم الكوفة بعد ذلك، وكانوا ممن شكا سعد بن أبي وقاص - وهو أمير الكوفة - إلى عمر حتى عزله، وكان في جملة ما شكوه أنه لا يحسن الصلاة. وهذا الذي أشار إليه سعد رضي الله عنه بقوله: (تعزرني على الدين) من التعزير، أي تؤدبني وتلومني، أو تؤبخني على التقصير فيه بقولهم: إني لا أحسن أصلي، ومعناه أن سعدًا أنكر أهلية بني أسد لتعزيرهم إياه على أمر من أمور الدين، وذلك لسابقيته وقدم صحبته وحسن بلائه في الإسلام (خبت إذا وضل عملي) أي لئن كان كذلك فإني خائب وعملي ضائع.
١٤ - قوله: (آذنت) أي أعلمت (بصرم) أي انقطاع وذهاب (وولت حذاء) أي أدبرت مسرعة (صبابة) بالضم، هي البقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الإناء (يتصابها) أي يشرب تلك الصبابة (قعرًا) قعر الشيء أسفله (كظيظ) =

<<  <  ج: ص:  >  >>