للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُحُفٍ، وَعَلَى أَبِي الْيَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيَّ، وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيَّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا عَمِّ، إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ سَفْعَةً مِنْ غَضَبٍ؟ قَالَ: أَجَلْ، كَانَ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْحَرَامِيِّ مَالٌ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ فَقُلْتُ: ثَمَّ هُوَ؟ قَالُوا: لَا. فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَبُوكَ؟ قَالَ: سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي. فَقُلْتُ: اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ. فَخَرَجَ فَقُلْتُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي؟ قَالَ: أَنَا وَاللهِ أُحَدِّثُكَ، ثُمَّ لَا أَكْذِبُكَ، خَشِيتُ وَاللهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ، وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ، وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ وَاللهِ مُعْسِرًا. قَالَ قُلْتُ: آللهِ؟ قَالَ: اللهِ. قُلْتُ: آللهِ؟ قَالَ: اللهِ. قُلْتُ: آللهِ؟ قَالَ: اللهِ. قَالَ: فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي، وَإِلَّا أَنْتَ فِي حِلٍّ. فَأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ، (وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ) وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا، (وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ) رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ.

(٣٠٠٧) قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَنَا: يَا عَمِّ، لَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلَامِكَ وَأَعْطَيْتَهُ مَعَافِرِيَّكَ، وَأَخَذْتَ مَعَافِرِيَّهُ وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ، فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ. فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، يَا ابْنَ أَخِي، بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ، وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا، (وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ) رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ. وَكَانَ أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَسَنَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

(٣٠٠٨) ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي مَسْجِدِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ، فَتَخَطَّيْتُ الْقَوْمَ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، أَتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَرِدَاؤُكَ إِلَى جَنْبِكَ؟ قَالَ: فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا، وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَوَّسَهَا:


= بها حتى توفي بالرملة سنة أربع وثلاثين، وهو ابن ٧٢ سنة، فكانت ذريته هناك حتى خرج حفيده عبادة مع والده الوليد في طلب العلم، فقصد الأنصار (قبل أن يهلكوا) أي يذهبوا من هذه الدنيا موتًا (أبا اليسر) كعب بن عمرو، شهد العقبة وبدرًا، آخر من توفي من أهل بدر، وذلك بالمدينة سنة خمس وخمسين (ضمامة من صحف) أي مجموعة من الصحف، قد ضم بعضها إلى بعض، والضمامة لغة في الإضمامة، والمشهور هو هذا الأخير أي بالهمزة (بردة) أي رداء مخطط أو كساء مربع (ومعافري) نوع من الثياب منسوب إلى معافر، قرية باليمن أو قبيلة نزلت بتلك القرية، يصنع بها هذا الثوب (سفعة من غضب) بفتح السين وضمها، أي تغيرًا وعلامة منه (الحرامي) نسبة إلى أحد أجداده الذي اسمه حرام، وليست إلى فعل الحرام (جفر) هو الذي غلظ وتقوى على الجري، أي غلام يكون في حدود أربع سنين وخمس سنين (أريكة) سرير مزين مرتفع يكون في قبة أو بيت (قلت: آلله. قال: الله) الأول بمد الهمزة، والثاني بغير مد، وهما مجروران لحرف القسم المحذوف (فإن وجدت قضاء) أي مالا تقضي به ديني فاقضني (وإلا، أنت في حل) أي وإلا فقد عفوت عنك، ولا مطالبة عليك (بصر عيني هاتين) "بصر" مصدر مضاف إلى عيني، وهي تثنية في حالة الجر، مضافة إلى ياء المتكلم، وكذا قوله: "سمع أذني هاتين" (ووعاه قلبي هذا) أي حفظه (مناط قلبه) المناط ما نيط به القلب، أي موضع قلبه، عبر عنه بالمناط لأنه معلق بعرق.
(٣٠٠٧) قوله: (وأخذت) بمعنى أو أخذت، لأنه أراد أن يكون على أحدهما بردتان وعلى الآخر معافريان (فكانت عليك حلة) بضم الحاء وتشديد اللام: ثوبان من جنس واحد يكونان إزارًا ورداء.
(٣٠٠٨) قوله: (مشتملًا به) أي ملتحفًا به، ولم يكن باشتمال الصماء المنهي عنه (وقوسها) بتشديد الواو، أي =

<<  <  ج: ص:  >  >>