للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ الْأَحْمَقُ مِثْلُكَ فَيَرَانِي كَيْفَ أَصْنَعُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ. أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ، فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ . قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ . قُلْنَا: لَا أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. فَقَالَ:

أَرُونِي عَبِيرًا. فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ. فَقَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ.

(٣٠٠٩) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ، وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَأَنَاخَهُ فَرَكِبَهُ ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ فَقَالَ لَهُ: شَأْ، لَعَنَكَ اللهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ هَذَا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ؟ . قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: انْزِلْ عَنْهُ، فَلَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ، لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ.

(٣٠١٠) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ عُشَيْشِيَةٌ، وَدَنَوْنَا مَاءً مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَجُلٌ يَتَقَدَّمُنَا فَيَمْدُرُ الْحَوْضَ، فَيَشْرَبُ وَيَسْقِينَا؟ . قَالَ جَابِرٌ: فَقُمْتُ فَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ رَجُلٍ مَعَ جَابِرٍ؟ . فَقَامَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، فَانْطَلَقْنَا


= جعلها مثل القوس، أي لواها إلى نصف الدائرة (الأحمق) أي الجاهل (عرجون) بضم فسكون فضم فسكون: أصل العذق الذي يقطع منه الشماريخ التي فيها التمر فيبقى ذلك الأصل يابسًا، فهذا الأصل هو العرجون (ابن طاب) تقدم أنه نوع من التمر، منسوب إلى رجل من أهل المدينة (فخشعنا) أي خفنا وتذللنا (فإن عجلت به بادرة) أي سبقت بصقة أو نخامة وخرجت دون خياره (ثم طوى ثوبه) أي لفه (أروني عبيرًا) أي ايتوني به، والعبير أخلاط من الطيب تجمع بالزعفران (يشتد) أي يجري بسرعة (فجاء بخلوق) بفتح الخاء، طيب مخلوط من الزعفران وغيره (في راحته) أي كفه.
(٣٠٠٩) قوله: (في غزوة بطن بواط) هي ثاني غزوة خرج لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ٢ هـ ولم يلق فيها العدو، وبواط بضم الباء وتخفيف الواو: جبل من جبال جهينة في ناحية رضوى، بل رضوى وبواط فرعان من أصل واحد، يقع في طريق مكة إلى الشام الذي يمر بالساحل (وهو يطلب المجدي بن عمرو الجهني) الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج في طلب عير لقريش ولم يلقها، ولم يكن تعرض له - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك الوقت أحد عير قريش حتى يخرج في طلبه (وكان الناضح) أي البعير، وهو في الأصل البعير الذي يستقى عليه (يعقبه) بضم القاف، أي يركبه الخمسة أو الستة أو السبعة واحدًا بعد واحد (عقبة رجل) أي نوبة ركوبه (فتلدن عليه بعض التلدن) أي توقف عليه بعض التوقف (شأ) كلمة زجر للبعير لينهض ويمشي.
(٣٠١٠) قوله: (عشيشية) تصغير عشية، أصلها بضم العين وفتح الشين وتشديد الياء، فأبدلت إحدى اليائين شينًا فصارت عشيشية، والعشية الوقت من بعد الزوال إلى غروب الشمس (فيمدر الحوض) أي يصلحه بالمدر، وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>