للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى الْبِئْرِ فَنَزَعْنَا فِي الْحَوْضِ سَجْلًا أَوْ سَجْلَيْنِ، ثُمَّ مَدَرْنَاهُ، ثُمَّ نَزَعْنَا فِيهِ حَتَّى أَفْهَقْنَاهُ، فَكَانَ أَوَّلَ طَالِعٍ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَتَأْذَنَانِ؟ . قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. فَأَشْرَعَ نَاقَتَهُ فَشَرِبَتْ شَنَقَ لَهَا، فَشَجَتْ فَبَالَتْ، ثُمَّ عَدَلَ بِهَا فَأَنَاخَهَا، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَوْضِ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّأِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ ذَهَبْتُ أَنْ أُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِي، وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا، ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْنَا جَمِيعًا، فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُنِي وَأَنَا لَا أَشْعُرُ، ثُمَّ فَطِنْتُ بِهِ، فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، يَعْنِي شُدَّ وَسَطَكَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا جَابِرُ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حِقْوِكَ.

(٣٠١١) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قُوتُ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً، فَكَانَ يَمَصُّهَا ثُمَّ يَصُرُّهَا فِي ثَوْبِهِ، وَكُنَّا نَخْتَبِطُ بِقِسِيِّنَا وَنَأْكُلُ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا، فَأُقْسِمُ أُخْطِئَهَا رَجُلٌ مِنَّا يَوْمًا، فَانْطَلَقْنَا بِهِ نَنْعَشُهُ، فَشَهِدْنَا أَنَّهُ لَمْ يُعْطَهَا فَأُعْطِيَهَا، فَقَامَ فَأَخَذَهَا.

(٣٠١٢) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ، فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِي، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ. فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ


= الطين (سجلا) بفتح فسكون: الدلو المملوءة ماء (أفهقناه) أي ملأناه (فأشرع ناقته) أي أدخل رأسها في الماء لتشرب (فشنق لها) أي جذب زمامها إليه حتى رفعت رأسها وقارب الرحل (فشجت) قيل: الفاء أصليه والجيم مخففة، ويجوز تشديد الشين وتخفيفها، ومعنى فشج البعير: فرج بين رجليه للبول. وقيل: الفاء زائدة للعطف، ومعنى شجت - بتشديد الجيم - قطعت الشرب (وكانت لها ذباذب) جمع ذبذب بكسر الذالين، وهي الأهداب والأطراف، سميت بذلك لتذبذبها، أي تحركها عند المشي (فنكستها) بتخفيف الكاف وتشديدها، أي قلبتها (ثم خالفت بين طرفيها) وذلك بأن يجعل الطرف الأيمن على العاتق الأيسر، والطرف الأيسر على العاتق الأيمن، ويتم ذلك بشدهما وراء العنق، وهو معنى قوله: (ثم تواقصت عليها) أي أمسكتها بشد طرفيها وراء العنق (يرمقني) أي ينظر إليَّ نظرًا متتابعًا (على حقوك) بفتح الحاء وكسرها، أي على وسطك، وهو معقد الإزار، أي إذا كان الثوب ضيقًا بحيث إنك إذا خالفت بين طرفيه تخشى أن تنكشف العورة فاكتف بشده على وسطك.
(٣٠١١) قوله: (ثم يصرها في ثوبه) أي يشدها فيه ليتعلل بها مرة أخرى عند شدة الجوع (نختبط بقسينا) قسي بكسرتين وتشديد الياء جمع قوس، أي نضرب الأشجار بأقواسنا حتى تسقط أوراقها (ونأكل) أي تلك الأوراق الساقطة (حتى قرحت) أي تجرحت (أشداقنا) جمع شدق، وهو جانب الفم (أخطئها رجل) الفعل مبني للمفعول، أي فاتت التمرة عنه، وذلك أن الذي كان يقسم التمرة لم يعطه ذلك اليوم خطأ، وظن أنه أعطاه (ننعشه) أي نرفعه ونقيمه لشدة ضعفه وجهده.
(٣٠١٢) قوله: (واديًا أفيح) بوزن أفضل، أي واسعًا (بإداوة) بكسر الهمزة: إناء صغير من جلد يتخذ للوضوء ونحوه (بشاطىء الوادي) أي على جانبه (كالبعير المخشوش) الذي جعل في أنفه خشاس - بكسر الخاء - وهو عود =

<<  <  ج: ص:  >  >>