للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ) فَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: افْتَقَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ. فَتَحَسَّسْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ فَإِذَا هُوَ رَاكِعٌ - أَوْ سَاجِدٌ - يَقُولُ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنِّي لَفِي شَأْنٍ وَإِنَّكَ لَفِي آخَرَ.»

(٤٨٦) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.»

(٤٨٧) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَنَّ عَائِشَةَ نَبَّأَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ».


= (فتحسست) هو بالحاء المهملة أي تطلبته والتمسته (إني لفي شأن) من أمر الغيرة وخوف ذهابك إلى زوجة أخرى.
(وإنك لفي آخر) أي لفي شأن آخر، وهو إلاقبال على الله عزَّ وجلَّ، ونبذ متعة الدنيا من الزوجة والأهل.
٢٢٢ - قولها: (وهو في المسجد) المراد به مسجد البيت، وهو الموضع الذي كان يصلي فيه في حجرته، ويجوز أن يكون المسجد بفتح الجيم على أنَّه مصدر ميمي بمعنى السجود (أعوذ برضاك من سخطك) أي متوسلًا برضاك من أن تسخط وتغضب (وبمعافاتك) أي بعفوك الكثير (من عقوبتك) إذ هي أثر من آثار السخط، وأنما استعاذ بصفات الرحمة لسبقها وظهورها من صفات الغضب (وأعوذ بك منك) قال الخطايي: في هذا معنى لطيف، وذلك أنه استعاذ بالله تعالى، وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له، وهو الله سبحانه استعاذ به منه لا غير. ومعناه: الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب من حق عبادته والثناء عليه اهـ. (لا أحصي ثناء عليك) أي لا أطيقه، ولا أنتهى إلى غايته، ولا أحيط بمعرفته، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة، فأحمده بمحامد لا أقدر عليها الآن، والأصل في الإحصاء العد بالحصى، فالمعنى لا أطيق أن أثني عليك كما تستحقه، وهذا بيان لكمال عجز البشر عن أداء حقوق الرب تعالى (أنت كما أثنيت على نفسك) اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته، ورد للثناء إلى الجملة دون التفصيل والإحصاء والتعيين، فوكل ذلك إلى الله، سبحانه وتعالى، المحيط بكل شيء جملة وتفصيلًا، وكما أنه لا نهاية لصفاته لا نهاية للثناء عليه، لأنَّ الثناء تابع للمثنى عليه، وكل ثناء أثنى به عليه - وإن كثر وطال وبولغ فيه - فقدر الله أعظم، وسلطانه أعز، وصفاته أكبر وأكثر، وفضله وإحسانه أوسع وأسبغ.
٢٢٣ - قوله: (سبوح قدوس) بضم الأول وفتحه فيهما، والضم أكثر وأفصح، وهما من صفات الله تعالى، والمراد المسبح المقدس، فعول لمبالغة المفعول، ومعنى "سبوح": المبرأ من النقائص والشريك وكل ما لا يليق بالإلهية، ومعنى "قدوس" المطهر من كلّ ما لا يليق بالخالق، ولعل التكرير للتأكيد، أْو أحدهما لتنزيه الذات، والآخر لتنزيه الصفات، وهما خبران مبتدؤهما محذوف، أي ركوعي وسجودي لمن هو "سبوح قدوس" أو أنت سبوح قدوس، أو هو سبوح قدوس. (رب الملائكة والروح) الظاهر أن المراد بالروح جبريل لقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: ١٩٣] وقوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر: ٤]: وقيل: هو ملك عظيم يكون إذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>