للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي جَمِيلَةَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، قَالَ: كَذَبَ وَاللهِ عَمْرٌو (١)، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَحُوزَهَا إِلَى قَوْلِهِ الْخَبِيثِ (٢)، وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ قَدْ لَزِمَ أَيُّوبَ وَسَمِعَ مِنْهُ، فَفَقَدَهُ أَيُّوبُ، فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّهُ قَدْ لَزِمَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ، قَالَ حَمَّادٌ: فَبَيْنَا أَنَا يَوْمًا مَعَ أَيُّوبَ، وَقَدْ بَكَّرْنَا (٣) إِلَى السُّوقِ، فَاسْتَقْبَلَهُ الرَّجُلُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَيُّوبُ وَسَأَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ أَيُّوبُ:

بَلَغَنِي أَنَّكَ لَزِمْتَ ذَاكَ الرَّجُلَ، قَالَ حَمَّادٌ: سَمَّاهُ - يَعْنِي: عَمْرًا - قَالَ: نَعَمْ، يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّهُ يَجِيئُنَا بِأَشْيَاءَ غَرَائِبَ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ أَيُّوبُ: إِنَّمَا نَفِرُّ، أَوْ نَفْرَقُ (٤)، مِنْ تِلْكَ الْغَرَائِبِ.

- وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ - يَعْنِي: حَمَّادًا -، قَالَ: قِيلَ لِأَيُّوبَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ رَوَى عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَا يُجْلَدُ السَّكْرَانُ مِنَ النَّبِيذِ، فَقَالَ: كَذَبَ، أَنَا سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: يُجْلَدُ السَّكْرَانُ مِنَ النَّبِيذِ وَحَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَّامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ يَقُولُ: بَلَغَ أَيُّوبَ أَنِّي آتِي عَمْرًا، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ يَوْمًا، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا لَا تَأْمَنُهُ عَلَى دِينِهِ، كَيْفَ تَأْمَنُهُ عَلَى الْحَدِيثِ؟ وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ (٥).

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى شُعْبَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ قَاضِي وَاسِطَ، فَكَتَبَ إِلَيَّ: لَا تَكْتُبْ عَنْهُ شَيْئًا، وَمَزِّقْ كِتَابِي (٦).


(١) إنما كذبه لأنه روى هذا عن الحسن، والحسن لَمْ يرو هذا الحديث فنسبته إليه كذب، وإلا فالحديث صحيح من طريق آخر.
(٢) لأنَّ عمرو بن عبيد كان قدريًّا معتزليًّا، فأراد أن يعضد بهذا الحديث مذهب المعتزلة وهو: أن مرتكب الكبيرة يخرج عن الإيمان ولا يدخل في الكفر، بل يكون في منزلة بين المنزلتين، ويخلد في النار، فأراد أن يستدل لمذهبهم هذا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليس منا" أي ليس من أهل الإيمان، مع أن المراد أنه ليس على طريقتنا وممن اهتدى بهدينا، واقتدى بعملنا، لا أنه ليس من أهل الإيمان إطلاقًا.
(٣) قوله: (وقد بكرنا إلى السوق) من التبكير، أي ذهبنا إليه في وقت مبكر.
(٤) قوله: (نفر) من الفرار (أو نفرق) بفتح الراء من الفرق، وهو الخوف، أي نخاف ونخشى من تلك الغرائب التي يأتي بها عمرو بن عبيد، خشية أن تكون كذبا فنقع في الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(٥) قوله: (قبل أن يحدث) من الأحداث، أي قبل أن يبتدع ويصير معتزليًّا قدريًّا.
(٦) قوله: (مزق كتابي) بصيغة الأمر، وإنما أمره بتمزيق الكتاب مخافة أن يبلغ إلى أبي شيبة، فيناله منه أذى أو يترتب عليه مفسدة، وأبو شيبة هذا هو إبراهيم بن عثمان العبسي، الكوفي، مشهور بكنيته، متروك الحديث، =

<<  <  ج: ص:  >  >>