للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارْكَبُوا , فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، نَزَلَ ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كَانَتْ مَعِي فِيهَا شَيْءٌ مَنْ مَاءٍ , قَالَ: فَتَوَضَّأَ مِنْهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ , قَالَ: وَبَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ , ثُمَّ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ: احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ , ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ , قَالَ: وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبْنَا مَعَهُ , قَالَ: فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلَاتِنَا؟ ثُمَّ قَالَ: أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ , ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ , إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا , فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا ثُمَّ قَالَ: مَا تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا؟ , قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ، وَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ

أَيْدِيكُمْ , فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا , قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ، وَحَمِيَ كُلُّ شَيْءٍ وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكْنَا عَطِشْنَا فَقَالَ: لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ , ثُمَّ قَالَ: أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي , قَالَ: وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ، فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي الْمِيضَأَةِ تَكَابُّوا


= هي الإناء الذي يتوضأ به مثل الركوة (فتوضأ منها وضوءًا دون وضوء) أي وضوءًا خفيفًا مع إسباغ الأعضاء، ويكون هذا التخفيف إما بأخذ ماء قليل لكل مرة، وإما بالاكتفاء بالمرة أو المرتين بدل ثلاث مرات (احفظ علينا ميضأتك) أي مع ما فيها من الماء القليل (فسيكون لها نبأ) أي خبر مهم (فصنع كما كان يصنع كل يوم) أي صلى صلاة الفجر بمثل ما كان يصلى كل يوم أداء، ولم يختلف القضاء في شيء عن الأداء، ويؤخذ منه الجهر بالقراءة في قضاء الفجر (يهمس إلى بعض) أي يكلمه بصوت خفي (أسوة) أي قدوة، وهو ما يقتدون به فيه (ليس في النوم تفريط) أي تقصير، حتى ولو فاتت الصلاة، لأن النائم لا اختيار له (إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى) استدل به على امتداد وقت كل صلاة من الخمس حتى يدخل وقت الأخرى، وهذا مستمر على عمومه في الصلوات إلا الصبح فإن وقتها يخرج بطلوع الشمس لمفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح (فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها) معناه أنه إذا فاتته صلاة فقضاها في غير وقتها فإن وقتها لا يتغير في المستقبل، بل يبقى كما كان قبل القضاء، فإذا جاء الغد فلا يؤخر الصلاة بل يصليها في وقتها، وليس معناه أنه يقضي الفائتة مرتين مرة في الحال ومرة في الغد، بل المقصود الحث على المحافظة على مراعاة الوقت فيما بعد، وأن لا يتخذ الإخراج عن الوقت والأداء في وقت أخرى عادة له.
(ثم قال: ما ترون الناس صنعوا؟ قال: ثم قال: أصبح الناس فقدوا نبيهم ... إلخ) معنى هذا الكلام أنه - صلى الله عليه وسلم - لما صلى بهم الصبح بعد ارتفاع الشمس، وقد سبقهم الناس، وانقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهؤلاء الطائفة اليسيرة عنهم، قال: ما تظنون الناس يقولون فينا؟ فسكت القوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما أبو بكر وعمر فيقولان للناس: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءكم، ولا تطيب نفسه أن يخلفكم وراءه، ويتقدم بين أيديكم، فينبغي لكم أن تنتظروه حتى يلحقكم، وقال باقي الناس: إنه سبقكم فالحقوه، فإن أطاعوا أبا بكر وعمر رشدوا، فإنهما على الصواب. والله أعلم. قاله النووي. (لا هلك) بضم الهاء وسكون اللام، أي لا هلاك عليكم، فإن الماء موجود (أطلقوا لي غمري) بضم الغين وفتح الميم، هو القدح الصغير، أي حلوا الأثاث وأخرجوا منه القدح (يصب) أي يصب الماء من الميضأة في القدح (تكابوا عليها) أي =

<<  <  ج: ص:  >  >>