للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ».

(٧٣٨) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ. ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ. ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي».


١٢٤ - قولها: (بركعتي الفجر) أي بضمهما إلى صلاة الليل، ولعلها كانت تضمهما إلى صلاة الليل وتعدهما منها إذا كانت صلاة الليل تنتهي قريبًا من الفجر بحيث لم يكن بينها وبين ركعتي الفجر فصل يعتد به. وعلى هذا القياس لعلها كانت تعد سنة العشاء أحيانًا من صلاة الليل إذا كانت تؤخر سنة العشاء أو تعجل صلاة الليل بحيث لم يكن بينهما فصل يعتد به. والله أعلم.
١٢٥ - قولها: (يصلي أربعًا) إما بسلام واحد، وإما بسلامين، لكن لم يكن يستريح أو ينام بعد الشفع الأول حتى يصلي الشفع الثاني، فإذا أتم أربع ركعات كان يستريح أو ينام أو يطيل الفصل بينها وبين الأربع الآتية، يدل عليها قولها: "ثم"؛ إذ عبرت بها عن الفصل الذي كان ينام فيه بين الأربع الثانية وبين الوتر (إن عيني تنامان ولا ينام قلبي) هذا من خصائص الأنبياء، وهو يعم صورًا كثيرة، والمقصود منه هنا أنه لو حدث أثناء النوم حدث ينقض الوضوء لعلمت. والحديث دليل على أن صلاة التراويح ثمان ركعات، لأن السؤال ورد عن صلاته - صلى الله عليه وسلم - في رمضان، وهذه الصلاة هي التي تسمى بالتراويح، وأفاد الجواب أمرين، الأول: أنها ثمان ركعات، والثاني: أنها لا تختلف عن بقية ليالي السنة. وقد ورد أيضًا بيان عدد الركعات في حديث جابر بن عبد الله قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان ثمان ركعات وأوتر. الحديث. أخرجه الطبراني في الصغير، وأبو يعلى، ومحمد بن نصر في قيام الليل، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ويدل عليه أيضًا ما روى عن جابر بن عبد الله قال: جاء أُبي بن كعب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إنه كان مني الليلة شيء، يعني في رمضان، قال: وما ذاك يا أُبي؟ قال: نسوة في داري قلن: إنا لا نقرأ القرآن فنصلي بصلاتك، قال: فصليت بهن ثمان ركعات وأوترت، فكانت سنة الرضا، ولم يقل شيئًا. رواه أبو يعلى، والطبراني بنحوه في الأوسط. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/ ٧٤) إسناده حسن. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في قيام الليل، وعبد الله بن أحمد في المسند (٥/ ١١٥) وفي إسناده من لم يسم. وهذا العدد هو الذي جمع عليه عمر رضي الله عنه الصحابة حين جمعهم على التراويح، فقد روى السائب بن يزيد قال: أمر عمر أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة. الحديث رواه مالك، وأخرجه أيضًا سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي في السنن (٢/ ٤٩٦) والمعرفة. فهذا العدد هو السنة النبوية، وأمر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والزيادة عليه، من غير تحديد بعدد معين، وإن كانت جائزة نظرًا إلى أن هذه الصلاة نافلة، إلا أن الناس حددوا هذه الزيادة بحد جعلوه أصلًا، وقلبوا الوضع حتى إنهم لينكرون على من لا يلتزم به، ومعناه أنهم جعلوا السنة أمرًا منكرًا، وجعلوا ما ليس بسنة سنة، بل سنة مؤكدة، فالتمسك بالعدد النبوي والاكتفاء به وعدم الزيادة عليه هو المتعين في مثل هذا الحال. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>