للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٠٠٠) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ. فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ. فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ. فَلَمَّا

كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَفِقَ رِجَالٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ. فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ تَشَهَّدَ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمُ اللَّيْلَةَ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا».

(٧٦٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدَةُ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: «سَمِعْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ - وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ -: مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ أُبَيٌّ: وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ - يَحْلِفُ مَا يَسْتَثْنِي - وَوَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ، هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِيَامِهَا. هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا».


١٧٨ - قوله: (عجز المسجد عن أهله) أي امتلأ حتى ضاق عنهم وكاد لا يسعهم (فتعجزوا عنها) أي تتركوها ولا تقوموا بها، فتقعوا في حرج.
١٧٩ - قوله: (من قام السنة أصاب ليلة القدر) وهذا يعني أن ليلة القدر على قول عبد الله بن مسعود ليلة مبهمة تقع مرة في السنة، ولا تختص بشهر ولا بيوم، لا بشهر رمضان ولا بالعشر الأواخر منه ولا بالليلة السابعة والعشرين منه، وقول عبد الله بن مسعود هذا لا يؤيده الكتاب ولا السنة، فإن كتاب الله صريح في نزوله في رمضان وفي ليلة القدر، ومعناه أن ليلة القدر في رمضان، أما السنة فقد تظافرت الأحاديث بأن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر من لياليها. ولعل ابن مسعود تأول بأن ليلة القدر وقعت كذلك في سنة نزول القرآن وفي السنة التي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطلبها في العشر الأواخر، وليس معناه أن إبهامها رفع للأبد (يحلف ما يستثني) يعني حلف حلفًا قاطعًا حتى لم يقل معه إن شاء الله (هي ليلة صبيحة سبع وعشرين) هذا قول أبي بن كعب رضي الله عنه. ولم يكن مستنده في ذلك حديثًا يعين هذه الليلة بعينها أنها ليلة القدر، بل مستنده في ذلك وجود أمارة أي علامة ذكر في الحديث أنها توجد في صبيحة ليلة القدر، وهي أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها، وقد طلعت كذلك في صبيحة سبع وعشرين، وبهذا يعلم أن مستند أبي بن كعب رضي الله عنه ليس من القوة بحيث يبنى عليه هذا التعيين، لأن وقوع ليلة القدر ووجود علامتها في الليلة السابعة والعشرين في سنة لا يستلزم وقوعها في هذه الليلة في كل سنة، لأنها تنتقل من ليلة إلى أخرى في وتر من ليالي العشر الأواخر، وقد ثبت وجود علامة هذه الليلة صبيحة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقوله: (لا شعاع لها) شعاع الشمس ما يرى من ضوئها ممتدًّا كالرماح بعيد الطلوع، فكأن الشمس يومئذ تطلع غير ناشرة أشعتها. قيل: وذلك لكثرة الملائكة الذين يصعدون إلى السماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>