للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ. حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ، وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي، وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ لَا أَفْعَلَ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ».

(٩٠٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: «خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ يُصَلُّونَ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ. فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَطَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِيَامَ جِدًّا، حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ، فَأَخَذْتُ قِرْبَةً مِنْ مَاءٍ إِلَى جَنْبِي، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي أَوْ عَلَى وَجْهِي مِنَ الْمَاءِ، قَالَتْ: فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ. فَخَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ. مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَرِيبًا أَوْ مِثْلَ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ. (لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ) فَيُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ، (لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ) فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ، هُوَ رَسُولُ اللهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَأَطَعْنَا، ثَلَاثَ مِرَارٍ. فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ، قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنَّكَ لَتُؤْمِنُ بِهِ، فَنَمْ صَالِحًا. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوِ الْمُرْتَابُ (لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ)، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي. سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُ».

(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: «أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، وَإِذَا هِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ »

وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ.

(٠٠٠) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ. قَالَ: «لَا تَقُلْ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَلَكِنْ قُلْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ».


= أبعده أخذه.
١١ - قولها: (تجلاني الغشي) أي اعتراني وعلاني، والغشي، بالفتح فالسكون، أو بفتح الغين وكسر الشين بعدها ياء مشددة، وأصله الإغماء، ويطلق على حالة قريبة من الإغماء. أي علاني الغشي لطول تعب الوقوف، (ما علمك بهذا الرجل؟ ) يراد بهذا الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحيث إنه آخر رسل الله، وآخر مبلغ عن الله، والمطلوب من كل أحد اتباعه في دين الله، والسؤال في القبر موجه في أمر الدين، فبمجرد توجيه هذا السؤال يفهم المسئول عنه أنه المراد والمقصود بالسؤال، وقد جرده عن جميع الصفات من الرسالة والنبوة والبعثة والدعوة وأمثالها حتى لا يتلقن المسئول إكرام النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفع مرتبته، فالمؤمن يقول: هو رسول الله، والمنافق يحتار، ولا يدري بماذا يجيب، (سمعت الناس يقولون شيئًا فقلت) أي فقلت ما يقولونه، ولا أدري ما هو الحق في ذلك، وهذا جواب المنافق المرتاب.
١٣ - قوله: (لا تقل: كسفت الشمس، ولكن قل: خسفت الشمس) هذا قول ذهب إليه عروة، وقد قدمنا أن المختار أنهما سواء لغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>