للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ؟ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ؟ ».

(٩٢٨) حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: «كُنْتُ جَالِسًا إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ جِنَازَةَ أُمِّ أَبَانَ بِنْتِ عُثْمَانَ، وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُودُهُ قَائِدٌ، فَأُرَاهُ أَخْبَرَهُ بِمَكَانِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي، فَكُنْتُ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا صَوْتٌ مِنَ الدَّارِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: (كَأَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَى عَمْرٍو أَنْ يَقُومَ فَيَنْهَاهُمْ): سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ قَالَ: فَأَرْسَلَهَا عَبْدُ اللهِ مُرْسَلَةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنَّا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ نَازِلٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَاعْلَمْ لِي مَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ؟ فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ صُهَيْبٌ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنَّكَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَعْلَمَ لَكَ مَنْ ذَاكَ، وَإِنَّهُ صُهَيْبٌ، قَالَ: مُرْهُ فَلْيَلْحَقْ بِنَا، فَقُلْتُ: إِنَّ مَعَهُ أَهْلَهُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَهْلُهُ - وَرُبَّمَا قَالَ أَيُّوبُ مُرْهُ فَلْيَلْحَقْ بِنَا - فَلَمَّا قَدِمْنَا لَمْ يَلْبَثْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أُصِيبَ، فَجَاءَ صُهَيْبٌ يَقُولُ: وَا أَخَاهْ، وَا صَاحِبَاهْ، فَقَالَ عُمَرُ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَوْ لَمْ تَسْمَعْ - قَالَ أَيُّوبُ: أَوْ قَالَ: أَوَلَمْ تَعْلَمْ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ، قَالَ: فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَأَرْسَلَهَا مُرْسَلَةً، وَأَمَّا عُمَرُ فَقَالَ: بِبَعْضِ، فَقُمْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَحَدَّثْتُهَا بِمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَتْ: لَا، وَاللهِ مَا قَالَهُ


٢٢ - قوله: (جنازة أم أبان بنت عثمان) وكانت قد توفيت بمكة (يقوده قائد) لأنه كان قد عمي في آخر عمره (أراه أخبره بمكان ابن عمر) قائل هذا القول عبد الله بن أبي مليكة، يقول: أظن قائد ابن عباس أنه أخبر ابن عباس بوجود عبد الله بن عمر (فإذا صوت من الدار) أي من بكاء النساء (كأنه يعرض على عمرو) أي يشير على عمرو بن عثمان بالكناية دون التصريح (فأرسلها عبد الله مرسلة) أي أطلقها إطلاقا ولم يقيدها بقيد، قال النووي: معناه أن ابن عمر أطلق في روايته تعذيب الميت ببكاء الحي، ولم يقيده بيهودي كما قيدته عائشة، ولا بوصية. كما قيده آخرون. ولا قال: ببعض بكاء أهله، كما رواه أبوه عمر رضي الله عنهما. اهـ (بالبيداء) هي في الأصل مفازة لا شيء بها، والمراد هنا الموضع الذي بجنب ذي الحليفة إلى جانب الجنوب منه (إذا هو برجل) أي في ركب، كما في الرواية الآتية (فأرسلها مرسلة) أي أطلقها مطلقة فقال: إن الميت يعذب ببكاء أهله، بدون أي قيد، بخلاف عمر فإنه قيده ببعض البكاء (فقالت: لا والله ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ) هذا النفي المؤكد بالقسم من عائشة رضي الله عنها إما بناء على ظنها وزعمها أو لأنها لم تسمع إلا كذلك، ولكن زيادة الكافر في العذاب ببكاء أهله لا تنافي تعذيب غيره ببكاء أهله (وإن الله لهو أضحك وأبكى) هذا معنى آية النجم، وليس بلفظها، والمقصود أن بكاء الإنسان وضحكه وحزنه وسروره من الله، يظهرها فيه، فلا أثر له في ذلك، ويرد عليه أن كل عمل ابن آدم من الله خلقا، ومن العبد كسبًا، كما هو مقرر في الشرع، لكن العبد يثاب على حسناته ويعاقب على سيئاته، فلماذا لا يكون لضحكه وبكائه أثر على الجزاء (ولا تزر وازرة وزر أخرى) يعني فلا يحمل الميت عذاب بكاء الحي، لكن يرد عليه أن زيادة عذاب الكافر ببكاء الحي أيضًا معارضة لهذه الآية، فإن هذه الزيادة أيضًا من قبيل حمل عمل الغير، فإن قيل: إنما يزاد الكافر عذابًا لأنه كان راضيًا بالبكاء عليه، مقرًا له أو موصيًا به، قلنا: هذه القيود معتبرة في تعذيب غير الكافر بالبكاء أيضًا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>