للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ فَنَزَّلَنِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ مَنْزِلًا، حَتَّى قَالَ: مَرَرْنَا عَلَى قَنْطَرَةٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِيُّ فَقَالَ: لَهُمْ أَلْقُوا الرِّمَاحَ، وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِنْ جُفُونِهَا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ فَرَجَعُوا فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ، وَسَلُّوا السُّيُوفَ، وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ، قَالَ: وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الْتَمِسُوا فِيهِمُ الْمُخْدَجَ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَالَ: أَخِّرُوهُمْ فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَسَمِعْتَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِي

وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ حَتَّى اسْتَحْلَفَهُ ثَلَاثًا وَهُوَ يَحْلِفُ لَهُ.».

(٠٠٠) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ


= وكانوا يقولون لا حكم إلا لله، فاحتج عليهم بأنه لم يحتكم إلا إلى كتاب الله، ولكن لا ينطق به إلا الإنسان، فإن خالفوا كتاب الله لا نسلم لهم، ونقاتلهم، فرجعوا إلى رأيه، ودخلوا الكوفة عن آخرهم، فلما اعتزم علي على إرسال أبي موسى لموعد التحكيم رفعوا هتافاتهم: لا حكم إلا لله، فقال لهم علي: إن لكم ثلاثًا: ما صحبتمونا لا نمنعكم مساجد الله، ولا الفيء ما دمتم معنا، ولا نقاتلكم حتى تبدؤونا. فلما حصل في قضية التحكيم ما حصل خرجوا واجتمعوا بالنهروان قرب دجلة فمر بهم عبد الله ابن الصحابي خباب رضي الله عنه وامرأته على حمار، وهي حامل، فذبحوه وبقروا بطن امرأته، ثم قتلوا ثلاث نسوة من طي وامرأة أخرى، فبعث علي، الحارث بن مرة ليحقق الخبر فقتلوه، فهذا الذي أشار إليه علي بأنهم سفكوا الدم الحرام. وأغاروا على سرح الناس، ثم إن عليًّا سار إليهم، وطلب منهم أن يدفعوا إليه القتلة فقالوا: كلنا قتلهم، وكلنا مستحل دماءكم ودماءهم، فخطبهم علي، فتنادوا: لا تكلموه، وتأهبوا للقاء الله، ثم قصدوا جسر الخوارج، فلحقهم علي دونه، وجرى القتال فلم يسلم منهم إلا أقل من عشرة (فنزلني زيد بن وهب منزلًا) قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ مرة واحدة، وفي نادر منها منزلا منزلا مرتين، وكذا ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين، وهو وجه الكلام، أي ذكر لي مراحلهم بالجيش منزلا منزلا، حتى بلغ القنطرة التي كان القتال عندها، وهي قنطرة الدبرجان، كذا جاء مبينا في سنن النسائي، وهناك خطبهم علي رضي الله عنه، وروى لهم هذه الأحاديث. انتهى. وهذه القنطر هو جسر الخوارج (سلوا سيوفكم من جفونها) أي أخرجوها من أغمادها (فوحشوا برماحهم) أي ألقوها على بعد منهم (وشجرهم الناس) أي طعنهم أصحاب علي برماحهم (وما أصيب من الناس) أي ما قتل من أصحاب علي إلا رجلان (المخدج) أي ناقص اليد الذي جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية المارقين (حتى استحلفه ثلاثًا) قال النووي: إنما استحلفه ليسمع الحاضرين، ويؤكد ذلك عندهم، ويظهر لهم المعجزة التي أخبر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويظهر لهم أن عليًّا وأصحابه أولى الطائفتين بالحق، وأنهم محقون في قتالهم. انتهى.
١٥٧ - قوله: (كلمة حق أريد بها باطل) معناه أن أصل الكلمة حق. قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: ٦٧] ولكنهم أرادوا بها الباطل، وهو الإنكار على علي في قضية التحكيم، مع أنه لم يحكم إلا كتاب الله، وإنما يتكلم به الإنسان ويبديه (لا يجوز هذا منهم) أي لا يجاوز الحق الذي يقولونه حلقومهم هذا (منهم أسود) أي رجل أسود (طبي شاة) بضم الطاء وسكون الباء، أي ضرعها (في خربة) بفتح فكسر أي في خرق من خروق الأرض تحت الجثث. والخربة: الموضع الخراب ضد العمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>