للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: «أَتَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ احْتَرَقْتُ احْتَرَقْتُ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُهُ؟ فَقَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي، قَالَ: تَصَدَّقْ فَقَالَ: وَاللهِ يَا نَبِيَّ اللهِ مَالِي شَيْءٌ، وَمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، قَالَ: اجْلِسْ فَجَلَسَ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَسُوقُ حِمَارًا عَلَيْهِ طَعَامٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ آنِفًا؟ فَقَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغَيْرَنَا، فَوَاللهِ إِنَّا لَجِيَاعٌ مَا لَنَا شَيْءٌ، قَالَ: فَكُلُوهُ».

بَابُ جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَأَنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا ضَرَرٍ أَنْ يَصُومَ، وَلِمَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ

(١١١٣) حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، (ح) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى

بَلَغَ الْكَدِيدَ، ثُمَّ أَفْطَرَ، » قَالَ: وَكَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ.

(٠٠٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ قَالَ يَحْيَى: قَالَ سُفْيَانُ: «لَا أَدْرِي مِنْ قَوْلِ مَنْ هُوَ يَعْنِي: وَكَانَ يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

(٠٠٠) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الزُّهْرِيُّ: «وَكَانَ الْفِطْرُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْآخِرِ


٨٨ - قوله: (عام الفتح) أي فتح مكة (الكديد) بفتح الكاف وكسر الدال، وقيل: مصغر، موضع قرب عسفان. قال البكري: هو بين أمج - بفتحتين وجيم - وعسفان، وهو ماء عليه نخل كثير. انتهى. ويقع كديد على بعد اثنين وتسعين كيلومترًا شمال مكة على طريق المدينة (الأحدث) أفعل من الحادث وهو الجديد، وقوله: "وكان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره، هذا رأي الزهري، يريد أن ترك الصوم في السفر كان آخر الأمرين، كما هو واضح من هذا الحديث، فيؤخذ به وهو يكون ناسخا لجواز الصوم في السفر. وقد استدل بهذا من ذهب من أهل الظاهر إلى أن جواز الصوم في السفر منسوخ، فإن صام أحد في السفر لا يجزىء صومه عن رمضان، ويجب عليه قضاؤه في الحضر، وأجاب عن ذلك الجمهور بأن هذه الزيادة مدرجة من قول الزهري، جزم بذلك البخاري وهو عند مسلم في الطريقين الآتيين، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صام بعد هذه القصة كما في حديث أبي سعيد الخدري الآتي بعد هذا الباب برقم ١٠٢ (١١٢٠) ثم اختلفوا في حكم الصوم في السفر فذهب أكثر العلماء، منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أن الصوم أفضل لمن قوي عليه ولم يشق به، وقال كثير منهم: الفطر أفضل عملًا بالرخصة. وقال آخرون: هو مخير مطلقًا. وقال آخرون: أفضلهما أيسرهما، فمن كان الفطر أيسر عليه فهو أفضل في حقه، ومن كان الصوم أيسر عليه فهو أفضل في حقه. كمن يسهل عليه حينئذ، ويشق عليه قضاؤه بعد ذلك. ولعل أولى هذه الأقوال هو هذا القول الأخير أو الذي قبله.
( ... ) قوله: (وكان الفطر آخر الأمرين) هذا على إطلاقه ليس بصحيح، وإنما كان الفطر آخر الأمرين في هذا السفر خاصة، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ربما صاموا في السفر وربما أفطروا كما في حديث أبي سعيد الآتي (فصبح) أي أتى صباحًا (لثلاث عشرة) اختلفت الروايات في تعيين التاريخ، وسيأتي في الروايات: ست عشرة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>